أحمد إبراهيم الشريف

الخروج من مصر.. السيرة على طريقة ما بعد الحداثة

الأحد، 25 فبراير 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«إننى لم أولد، على ما يبدو، لكى أفتقد أهلى، أو أحن إلى منزلى».. رغم أن هذه الجملة تأتى تقريبًا فى نهاية كتاب «الخروج من مصر.. مشاهد ومجادلات من سيرة ذاتية» للناقد المصرى العالمى إيهاب حسن، فإنها الجملة الكاشفة فى قراءة هذا الكتاب المهم.
 
أعترف أن هذا الكتاب الذى صدرت ترجمته عن دار العين، والتى قام بها الكاتب والمترجم السيد إمام، أربكنى تمامًا، فى البداية جعلنى أتخذ موقفًا ضد إيهاب حسن، وطريقته فى الكتابة، وتعمده تشويه الحياة فى مصر، واختيار كلمة «الخروج» ذات الدلالة اليهودية.. تعجبت، خاصة أنه ابن طبقة عالية ماديًا، فهو الولد الوحيد لأب أدار فى حياته عددًا من المحافظات المصرية، ثم خرج ليمتلك عزبة هى فى الحقيقة كانت لأم إيهاب ذات الثقافة الفرنسية، وهو المتفوق الذى يجيد الفرنسية والإنجليزية، والذى تخرج فى الترتيب الثانى على دفعته بكلية الهندسة، ومن ثم أرسلته الجامعة المصرية فى بعثة علمية إلى أمريكا.. كل هذا جعلنى أسأله: لماذا كنت مرتبكًا بهذه الطريقة الصعبة؟ ولماذا لم تتذكر سوى قسوة والديك ورغبة أقاربك فى الانتحار؟ وكيف واتتك الجرأة لتكتب «كان هدفى الوحيد هو التخطيط للهروب من مصر، مثلما فعل الكونت دى مونت كريستو وهو يخطط للهروب من سجن دى إف».
 
المهم أننى شكلت لنفسى صورة يمكن القول إنها «فظيعة» لإيهاب حسن، الذى «لا يعجبه العجب»، لكن بعد الدخول فى متاهات الكتاب تكشف لى وجه آخر للرجل، الذى قضى حياته مولعًا بمناهج ما بعد الحداثة فى أمريكا، فها هو يعرف قدرًا كبيرًا عن تاريخ مصر، خاصة الفرعونى، ويوظفه طوال الوقت، وبدأت صورة أخرى تتشكل للرجل.
 
صورة أخرى بها نوع من طريقة المصريين فى المكابرة، فيمكن القول بأننى رأيت بين ثنايا الكتاب الحنين إلى مصر التى غادرها فى سنة 1946، ولم يعد إليها مرة أخرى.. هل أقول شعرت به نادمًا أنه لم يرَ أمه وأباه سوى مرة واحدة وكانت خارج مصر، ربما حكاية ابنى خاله اللذين زوّرا وصية أمه، وأطلقا على طفليهما اسم «إيهاب» حتى تختلط صورة الطفل عندها بصورة ابنها المهاجر، هو ما أوحى لى بفكرة ندمه.
يمكن للباحثين والنقاد المفتونين بالمناهج النقدية الحديثة أن يتفهموا هذه المنثورات التى أرسلها إيهاب حسن، وربما يجدون الخيط الرابط الذى أجهدنى العثور عليه، فاعتمدت على قلبى فى متابعة هذه السيرة، وتمنيت فى النهاية لو اعتمد إيهاب حسن على قلبه وزار مصر حتى لو مرة واحدة قبل رحيله.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة