يتمسك الفلسطينيين بكافة فصائلهم وطوائفهم السياسية والدينية بالحق والأرض فى مواجهة طغيان الكيان الإسرائيلى المحتل الذى يتمادى استبداده واستيطانه من الأراضى والممتلكات المدنية إلى المساس بالرموز الدينية فى مدينة القدس المحتلة، إلا أن الشعب الفلسطينى لم يرضخ أبدًا ومازال متماسكًا ومتحدًا فى صف المواجهة مع المحتل المغتصب.
وتجسدت أخر صفحات المقاومة الفلسطينية فى مواجهة إسرائيل، فى موقف رؤساء الكنائس الفلسطينية التاريخى الرافض لممارسات تل أبيب وفرضها ضرائب على عقارات الكنائس، وكان موقف الكنائس الفلسطينية متبلورًا فى قرار إغلاق كنيسة القيامة احتجاجًا على القرارات الإسرائيلية المجحفة التى تتعدى على أموال الكنائس، وإغلاق الكنيسة التاريخية التى بنيت عام 335 ميلاديًا، هو الأول من نوعه منذ اتمام بنائها عقب ما يقرب من 1683 عامًا.
بطريرك القدس يعلن إغلاق كنيسة القيامة
ومن جهته، أعلن البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن، باسم جميع بطاركة ورؤوساء كنائس القدس، إغلاق كنيسة القيامة احتجاجًا على الممارسات الإسرائيلية بحق الكنائس بفرض ضرائب على عقارات الكنائس، فى إجراء احتجاجى تاريخى غير مسبوق، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده بطاركة ورؤساء كنائس القدس فى ساحة كنيسة القيامة، وكانت سلطات الاحتلال، فرضت ضريبة الأملاك "الأرنونا" على الكنائس المقدسية والتى تصل قيمتها إلى ملايين الشواقل سنويًا، كما وضعت يدها على أموال كنيسة الروم الأرثوذكسية للغرض ذاته.
إغلاق أبواب الكنيسة
إسرائيل تفرض ضريبة "الأرنونا" على عقارات الكنائس بالقدس
وأعلنت بلدية القدس، بعد إبلاغها وزارات المالية والداخلية والخارجية والمستشار القضائى للحكومة ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بدء تشغيل آلية تحصيل ضريبة "الأرنونا" على مبانى الأمم المتحدة والكنائس، واعتبرت البلدية أن الاتفاقات الدولية لا تعفى سوى أماكن العبادة، منوهة بأن للكنائس نشاطات تجارية إلى جانب العبادة.
وزعمت بلدية القدس، أن ديون الكنائس عن 887 عقارا بلغت نحو 190 مليون دولار، دون تحديد الفترة الزمنية التى تراكمت عنها الديون، كما أشارت إلى أن قيمة الإعفاء الضريبى الذى تتمتع به عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة لها مكاتب فى القدس تقدر بحوالى 93 مليون شيكل، أى ما يعادل 27 مليون دولار.
وقد بدأت فعلًا بفرض "الأرنونا" على الكنائس، نهاية شهر يناير الماضى، حيث فرضت على حسابات عدد من الكنائس فى البنوك إجراءات ووقف حسابات لامتناع هذه الكنائس عن دفع ضريبة الأملاك، ومنها كنيسة الانجليكان والكنيسة الأرمنية والكنيسة اليونانية والكنيسة الكاثوليكية.
إغلاق الكنيسة
كنائس القدس: ضريبة "الأرنونا" خرق لكافة الاتفاقيات والالتزامات الدولية
وجاء فى بيان رؤساء الكنائس، اليوم الأحد، "أن فرض الضرائب على الكنائس فى مدينة القدس هى خرق لكافة الاتفاقيات القائمة والالتزامات الدولية التى تضمن حقوق الكنائس وامتيازاتها، وهذا على ما يبدو محاولة لإضعاف الوجود المسيحى فى المدينة".
وحذر البيان، من تمرير مشروع من اللجنة الوزارية فرض الضرائب على الكنائس فى القدس والذى من الممكن من يتم من خلاله مصادرة أراضى الكنائس فى المدينة، وشدد البيان على اعتبار هذا الإجراء "محاولة لإضعاف الوجود المسيحى فى المدينة"، محذرًا من تمرير مشروع من اللجنة الوزارية التابعة لسلطات الاحتلال فرض الضرائب على الكنائس فى القدس والذى من الممكن من يتم من خلاله مصادرة أراضى الكنائس فى المدينة.
وقال زعماء كنائس الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس والأرمن، إن الكنيسة ستغلق حتى إشعار آخر، واتهم الزعماء فى بيان، إسرائيل بهجوم ممنهج لم يسبق له مثيل على المسيحيين فى الأرض المقدسة، فى إطار سياستها الجديدة للضرائب وقانون مقترح لتخصيص الأراضى.
كنيسة القيامة
فتح: القرارات الإسرائيلية بحق الكنائس تستهدف الوجود المسيحى فى القدس
ومن جهتها، أدانت حركة التحرير الوطنى الفلسطينى "فتح"، التوجهات والقرارات الإسرائيلية التى تستهدف الكنائس ووضعها التاريخى فى القدس عاصمة فلسطين، مؤكدة أن هذه القرارات تستهدف الوجود المسيحى فى الأرض الفلسطينية المقدسة.
وقال عضو المجلس الثورى لحركة فتح، والمتحدث باسمها أسامة القواسمى، فى بيان، اليوم الأحد، حسب ما نشرته وكالة فلسطين برس للأنباء، إن فرض الضرائب وتغيير الوضع القائم هو اعتداء على كل الكنائس فى العالم، ومحاولة مباشرة للتضييق على الكنائس، تمهيدًا لإغلاقها وتهجير أهلها، الأمر الذى يتطلب موقفا حاسما من العالم بأسره ضد هذه الإجراءات المنافية لكل الأعراف وللوضع التاريخى القائم تجاه المقدسات المسيحية فى القدس.
وأشاد القواسمى، بموقف الكنائس كافة، مؤكدا أن المسيحيين فى فلسطين بكنائسهم، هم جزء أصيل لا يتجزأ من الهوية الوطنية الفلسطينية، وأن الاعتداء على ممتلكاتهم وصلبانهم وكنائسهم هو اعتداء على ممتلكاتنا جميعا كفلسطينيين، وسنقف معا مدافعين عن كنائسنا ومساجدنا، رافضين هذه الإجراءات الباطلة العنصرية بحق الشعب الفلسطينى ومقدساته.
محيط كنيسة القيامة
تاريخ كنيسة القيامة فى مدينة القدس
وبالعودة لتاريخ كنيسة القيامة، فإنها تعرف بكنيسة القيامة أو كنيسة القبر المقدس، وهى كنيسة تقع داخل أسوار البلدة القديمة فى القدس، بنيت الكنيسة فوق الجلجلة أو الجلجثة وهى مكان الصخرة التى يعتقد أن المسيح صلب عليها، وتعتبر أقدس الكنائس المسيحية والأكثر أهمية فى العالم المسيحى وتحتوى الكنيسة وفق معتقدات المسيحيين على المكان الذى دفن فيه المسيح واسمه القبر المقدس.
وكانت الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين الكبير هى من أمر ببناء كنيسة القيامة، حيث استمرت مدة بنائها 10 سنوات، ثم افتتحت عام 335م، وأصبحت بذلك تمثل وجهة الحج المسيحى حتى الآن.
الأهمية التاريخية لكنيسة القيامة بالقدس المحتلة
وسميت كنيسة القيامة بهذا الاسم نسبة إلى قيامة يسوع من بين الأموات فى اليوم الثالث من الأحداث التى أدت إلى موتة على الصليب، بحسب العقيدة المسيحية، وتتقاسم الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكاثوليكية الأرثوذكسية المشرقية، كما تحتوى بداخلها على كنيسة الروم الأرثوذكس التى يقع مدخلها مقابل واجهة قبة القبر، علمًا أن فيها عرشين أحدهما للبطريرك الأنطاكى، والآخر للبطريرك الأورشليمى، كما فيها حجرة تحتوى على أوانٍ وتحف قديمة، وأماكن أثرية أهمها الجلجثة.
وترجع أهمية كنيسة القيامة، إلى أنها أشهر الأماكن الأثرية المقدسة لدى الديانة المسيحية فى مختلف أنحاء العالم، الأمر الذى يجعلها مشهورة على مستوى العالم، كما أنها أكثر الأماكن التى يزورها النصارى من مختلف بقاع الأرض، وهى أيضًا أكثر الأماكن الدينية التى تقلى اهتمامًا ورعاية وصيانة، علمًا بأنها تحتوى على العديد من التحف الفنية، والمشاهد الجمالية، واللمسات الهندسية والمعيارية. أشهر الأماكن الأثرية المقدسة.
مفاتيح كنيسة القيامة يؤتمن عليها عائلتين مسلمتين
وائتمنت عائلتين مسلمتين من أقدم العائلات المسلمة فى المدينة على مفاتيح كنيسة القيامة، حيث أن عائلة "نسيبة" ائتمنت على مهمة فتح أبواب الكنيسة وإغلاقها ويتولى أفرادها القيام بهذه المهمة إلى اليوم، وتحتاج المهمة لأصابع قوية إذ أن طول المفتاح يبلغ 30 سنتيمترا ويزن 250 جراما، فيما تتولى عائلة "جودة" حفظ مفاتيحها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة