ذات صباح غائم فى نيويورك، استيقظت الأمم المتحدة من النوم وهى تشعر بحالة من الحزن لا تدرى لها سببا، فكرت فى أن تستدعى المنجم الخاص بها، لكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة، ثم هاتفت مساعدها الأول الذى نصحها بتناول الإفطار والنظر إلى الجو الشتائى الملبد بالغيوم من نوافذ المبنى التاريخى، وبالفعل تناولت الأمم المتحدة إفطارها التقليدى واستغرقت فى التمعن بغيوم نيويورك والتفكير فى الفنان الانطباعى الفرنسى مونيه، كيف يمكن أن يعبر بريشته عن غيوم نيويورك أو غيوم ترامب فى نيويورك.
بعد ساعات من تناولها القهوة السوداء والكرواسون والنظر إلى شاشات الأخبار وتلقى المعلومات من ضباط الاتصال الأمريكيين والأوروبيين، ومحاولات نسيان لحظات الحزن الأولى التى أعقبت استيقاظها، اكتشفت الأمم المتحدة بقعة ملتهبة فى الشرق الأوسط، وتحديدا فى سوريا الواقعة بالشرق الأوسط الموبوء بالحروب الأهلية والأمراض والصراعات من المستعمرين الجدد، وتحديدا أكثر بمنطقة الغوطة الشرقية التى تمثل أكبر تجمع للفصائل الإرهابية فى العالم، من تنظيم القاعدة إلى جيش الشام السلفى إلى فيلق الرحمن، وعلى الفور استدعت كبار مساعديها وأطبائها وضباط الاتصال الأوروبيين والأمريكيين وجلسوا جميعا حول طاولة الاجتماعات.
كانت الأمم المتحدة غاضبة جدا، وافتتحت الاجتماع مع مساعديها بلومهم جميعا على قصر نظرهم ودعتهم إلى تغيير أطباء العيون الذين يتعاملون معهم، كيف بالله عليكم لم تلتفتوا من قبل إلى هذه البقعة الملتهبة فى منطقة الغوطة الشرقية الواقعة فى سوريا المكلومة الكائنة بالشرق الأوسط الموبوء؟ كيف؟ أنا مذهولة، لا أكاد أصدق عينى، قالت الأمم المتحدة وضربت المنضدة بقبضتها على غرار سنوات الستينيات من القرن الماضى، ثم تابعت وهى تتمعن فى وجوه مساعديها، لن ينتهى هذا الاجتماع قبل أن نتوصل إلى اسم مناسب لهذه البقعة الملتهبة فى الغوطة الشرقية الواقعة بسوريا المكلومة الكائنة بالشرق الأوسط الموبوء.
وهز المجتمعون رؤوسهم إشارة إلى السمع والطاعة قبل أن يبادر مساعد الأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط الموبوء بالحديث، وتقديم عرض لتعقيدات تلك المنطقة الملتهبة أملا فى الوصول إلى اسم مناسب لها، لكنها أوقفته بحركة من يدها عندما استغرق فى شرح الصراع بين القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة التى تريد الإبقاء على وجودها بمناطق بعينها من سوريا من خلال الفصائل الإرهابية، وأنه ليس من المعقول أن تترك الأمور للتحالف الروسى السورى الإيرانى ليواصل تصفية الجماعات الإرهابية هناك قرية بعد قرية ومدينة بعد مدينة حتى نفاجأ بأن نظام بشار استعاد سيطرته على كامل الأراضى السورية ولم يعد متبقيا للقوى الغربية إلا طلعات الطيران وهذه أيضا يمكن أن تتعرض للتهديد حال تفعيل الروس نظام الدفاع المتقدم إس 400 ليغطى كامل المناطق السورية، وهنا كان صوت الأمم المتحدة واضحا وآمرا لمساعدها لشؤون الشرق الأوسط الموبوء، «أريد اسما للمنطقة الملتهبة، لا شرحا لأسباب ما يحدث هناك».
وانتهز ضابط الاتصال الأمريكى الفرصة وبادر بالحديث مطلقا اسم المنطقة الحمراء على الغوطة الشرقية، مسهبا فى الحديث بعدها عن دلالات الاسم وما يمكن أن يستتبعه من حظر للطيران ووقف لإطلاق النار تمهيدا لدعم التوازن الإقليمى الجوهرى والحياد المطلق فى التعامل مع الأزمة المستحكمة إعلاء لدور الأمم المتحدة التى تقف على مسافة واحدة من كل دول كوكب الأرض.
شكرت الأمم المتحدة ضابط الاتصال الأمريكى وهى تردد بصوت مسموع الاسم الذى أطلقه على الغوطة «المنطقة الحمراء.. المنطقة الحمراء.. المنطقة الحمراء» ثم طلبت من جميع الحاضرين التحدث بالتتابع على أن ينطقوا بالاسم الذى يقترحونه فقط على منطقة الغوطة الملتهبة، وتتابعت الأسماء من أفواه المجتمعين «المنطقة الزرقاء، المنطقة الرمادية، منطقة الألغام، المنطقة المحظورة، منطقة العمليات غير المشروعة، منطقة الآلام، إلى أن نطق السيد جوتيرش بصوته النحاسى قائلا «جهنم على الأرض»، وهنا انتفضت الأمم المتحدة واقفة، وقالت: «وجدتها، وجدت الحل لمنطقة الغوطة الشرقية الواقعة بسوريا المكلومة الكائنة بالشرق الأوسط الموبوء، سنسميها «جهنم على الأرض»، انتهى الاجتماع.