لم تكن علاقتى بالسيرة الهلالية جيدة، بالقدر الذى يجعلنى أقتنى شرائط على جرمون بوصفه الأكثر انتشارًا فى بلدتنا، حين كانت فى النفس مساحة للحكايات، لكن ما فعله الروائى أحمد عطا الله فى روايته الجديدة أظهر لى خطيئتى، حينما اعتبرت هذه السيرة مجرد تسلية فى ليالى الريف الخالية من الأحداث والمزدحمة بالشجون، أثبتت رواية «غَرّب مال» أن لكل واحد منا تغريبته الخاصة التى يساوى فيها الحرمان بين الباحثين عن الرزق والساعين وراء الحب، وهذا المزج العجيب بين سيرة الفتى الذى انطلق من دشنا ليبحث عن حلمه فى كل بقعة لها مواصلات فى بر مصر، لا تختلف فى ملابساتها عن الرحلة المتخيلة لبنى هلال سعيًا للخلود، وأمور أخرى لا أفهمها، لكن ما فهمته أن الرواية قوية الأثر على الذين يحنون لجذورهم وهم غارقون فى تغريبتهم الخاصة.. سامح الله الصديق الذى جدد أحزاننا بالسيرة، وجابر الإسناوى، والقمر حين «غرّب مال».