أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل، التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث، الذى حمل عنوان «العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى فترة الرئيس السابق أوباما تجاه الشرق الأوسط 2009-2016»، وهو البحث الذى أعدته الباحثة أمينة محمد محمود خليل، المركز الديمقراطى العربى، وأشرفت عليه الدكتورة نورهان الشيخ، ونشره المركز الديمقراطى العربى فى قسم الدراسات العبرية والإسرائيلية، حيث تقول الباحثه: الاتفاق المبدئى الذى تم توقيعه يحد من قدرات إيران فى تطوير منشآتها وتقنياتها النووية قصد منعها من الوصول إلى صنع القنبلة النووية.. وافقت إيران فى الأخير على كل شروط دول 1+5 مقابل رفع العقوبات المسلطة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى.. أما قرارات مجلس الأمن فإنها باقية إلى حين تكتمل الإجراءات وتتمكن الوكالة الدولية للطاقة النووية من التأكد من تطبيق الاتفاق.
الاتفاق الإطارى نص على أن تقوم إيران بتدمير قلب مفاعلها النووى فى موقع فوردو المستخدم لصناعة الماء الثقيل، وكذلك قلب مفاعل موقع ناتانز لصنع البلوتونيوم، ونقل محتواه خارج البلاد.. ويمكن لإيران أن تعيد هيكلة المفاعلين قصد إنتاج مادة اليورانيوم حسب المواصفات الجديدة بمقدار يسمح بالاستعمال السلمى.. وتعهدت إيران بعدم صنع أى مفاعل جديد لصنع اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم والماء الثقيل لمدة 15 سنة.. وحرصت فرنسا على هذه المدة فى حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية قابلة بمدة 10 سنوات.
كما وافقت إيران على تخفيض عدد آلات التخصيب بنسبة الثلثين لتصل من 19000 حاليًا إلى 6104 يكون لإيران الحق فى استخدام 5060 منها لإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة لا تفوق 67،3 %، وذلك لمدة عشر سنوات.
أما فى ما يتعلق بمخزون اليورانيوم فتقرر أن تخفض إيران من 10000 كلغ إلى 300 كلغ بنسبة 67،3 %، وذلك لمدة 15 سنة. ما تبقى من المخزون يتم وضعه تحت الرقابة الدولية ويمكن استعماله كتعويض للمواد التى تحتاجها إيران.
وقبلت إيران إعادة هيكلة مفاعل أراك المستخدم لتصنيع البلوتونيوم الذى يستعمل فى صنع القنبلة وتحويل الموقع للصناعة السلمية.. أما فيما يتعلق بالماء الثقيل، فتعهدت إيران بعدم تخزين محتويات من هذه المادة تفوق احتياجاتها وتصدير الفائض لبيعه فى السوق العالمية، وذلك لمدة 15 عامًا.
ولا يحق لها صنع أى مفاعل جديد لصنع الماء الثقيل لنفس المدة.. لقد أثار هذا الاتفاق ردود فعل متباينة بين مؤيد ومتحفظ ومعارض، كما خلف موجة من الاستياء لدى الأوساط الإسرائيلية، بعد أن رأى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تهديدًا مباشرًا لأمن الدولة الصهيونية- على حد قوله.
وقال نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها «الاتفاق سيضفى شرعية على برنامج إيران النووى ويعزز اقتصاد إيران ويزيد من عدوانها وإرهابها فى جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.. سيزيد مخاطر الانتشار النووى فى المنطقة ومخاطر اندلاع حرب مروعة».
وذكرت إسرائيل أنها كانت فى الماضى ستبحث اتخاذ إجراءات من جانب واحد لمنع إيران من تطوير سلاح نووى وهو تحذير تم تفسيره على أنها قد تشن ضربات جوية على منشآت إيران النووية.. ورغم أن هذه اللهجة هدأت منذ عام أو يزيد قال الميجر جنرال نمرود شيفر رئيس هيئة التخطيط فى الجيش الإسرائيلى: إن الإجراءات الأحادية لا تزال احتمالا قائمًا.
وفى كلمة بعد الإعلان عن الاتفاق وصفه أوباما بأنه أفضل وسيلة للحد من طموحات إيران النووية قائلا: إن الخيارات الأخرى بما فيها قصف المنشآت النووية الإيرانية لن تحول دون تطوير قنبلة.. وبمقتضى اتفاق الإطار ستوقف إيران تشغيل أكثر من ثلثى أجهزتها للطرد المركزى الجاهزة للتشغيل، التى بمقدورها إنتاج يورانيوم يمكن استخدامه لصنع قنبلة وتفكيك مفاعل قد ينتج البلوتونيوم وقبول إجراءات شاملة للتحقق من تنفيذ الاتفاق.
وأعاد نتنياهو التأكيد أنه بدلا من أن يسد الاتفاق الإطارى الطريق أمام امتلاك إيران قنبلة فإنه «يمهده».. واستشهد بتصريحات مسؤول إيرانى قال هذا الأسبوع إن «تدمير إسرائيل غير قابل للتفاوض» وذكر أن الدليل على ذلك هو أن إيران «تسارع فى تسليح وكلاء تابعين لها لمهاجمة إسرائيل»، فى إشارة إلى حزب الله فى لبنان وجماعات متشددة فى قطاع غزة.. ورغم أن أوباما ذكر عدة مرات خلال كلمته أن الولايات المتحدة تقف جنبًا إلى جنب مع إسرائيل فى قضايا الأمن ولن تسمح بأى خلاف فى مواقف البلدين إلا أن التطمينات لم ترض نتنياهو.
وتبدو احتمالات إقدام إسرائيل على عمل عسكرى منفرد ضد إيران ضئيلة، لكن انتقاد الكونجرس، الذى يهيمن عليه الجمهوريون أيضا للاتفاق قد يشعر نتنياهو أن بمقدوره ممارسة الضغوط على الإدارة الأمريكية لاتخاذ موقف أكثر صرامة.. وقال نتنياهو «البديل هو الوقوف بحزم وزيادة الضغوط على إيران حتى يتم التوصل لاتفاق أفضل».