أكرم القصاص

فى قضية الفراخ المستوردة.. المنتج والمستورد وبينهما المستهلك المسكين

الإثنين، 05 فبراير 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بمناسبة الجدل بعد ظهور الدجاج المستورد والذى تم طرحه بأسعار تتراوح بين 17 و20 جنيها للكيلو.. الدجاج يباع فى منافذ متعددة منذ شهر تقريبا، ولم تصدر شكاوى، ولا محاضر وبلاغات للصحة، وتم استهلاك كميات كبيرة حتى خرجت أنباء من جهات مجهولة عن أن الدجاج فاسد ومنتهى الصلاحية، ولأن الأمر يتعلق بصحة المستهلكين، لا شك يثير الاهتمام وعلينا أن نتعامل مع الأمر بشفافية  لأننا جميعا مستهلكون. ويفضل النظر للموضوع من زواياه المختلفة.
 
والملاحظ أن شائعات انطلقت فجأة حول فساد الدجاج المستورد مستندة إلى أنه يباع بسعر مخفض أقل بما يقرب من عشرة جنيهات فى الكيلو. وهو عنصر يسهل لصناع الشائعات العمل، استنادا لمبدأ إن «الحداية لا تحدف فراخ»، وصفحات التواصل الاجتماعى، كما نعلم فيها الكثير من الأخبار الصحيحة والكثير من الشائعات، وانتقلت القضية إلى مجلس النواب والفضائيات، وتحدثت أطراف متعددة. 
 
وربما تكون هناك أطراف من مصلحتها أن يبتعد المستهلك عن الدجاج الرخيص، ومن تطبيق مبدأ «فتش عن المستفيد» هناك أطراف تهدد مصالحها الفراخ الأرخص. 
 
مع الأخذ فى الاعتبار أنه تم استهلاك كميات كبيرة، خاصة أن تاريخ الإنتاج مدون على الفراخ، وهى من السلع التى يصعب إخفاء فسادها، ويمكن للمستهلك اكتشاف هذا الأمر من اللون والطعم والرائحة.
 
الحكومة ووزارة التموين ردت، وقال زير التموين على مصيلحى، إن الفراج المجمدة بالمجمعات جيدة وصالحة حتى مارس، وفسر اللجوء للاستيراد بتقاعس المنتجين عن التوريد، وهناك اتهامات بأن شائعات فساد الفراخ قد تكون صدرت من محتكرين يفرضون سعرهم، ولا يريدون منافسة. 
 
فى ديسمبر 2016 تفجرت قضية مشابهة عندما أعلنت الحكومة إلغاء الجمارك على الدجاج المستورد، ويومها ثارت ثائرة منتجى الدجاج الذين اعتبروا إلغاء الجمارك عملية قتل للصناعة المحلية، وأعلن اتحاد منتجى الدواجن أن القرار يضرب صناعة الدواجن، ويضر بمصالح خمسة ملايين، أو أكثر يعملون فى هذه الصناعة الحيوية، وبالتالى فإن قرار خفض الجمارك  يسمح بمنافسة غير عادلة، وأن يصل الدجاج المستورد بسعر أقل من المحلى. 
 
كان الرد هو  إذا كان الدجاج المستورد يصل بعد مصاريف التربية والتجميد والتغليف والنقل بسعر أقل من المحلى فهذا يعنى أن هناك مبالغة فى سعر المنتج المحلى.. المنتجون ردوا بأن ارتفاع أسعار الأعلاف والمركزات هى السبب فى ارتفاع تكاليف الإنتاج وطالبوا بخفض جمارك العلف، وصدر بيان وقتها من مصلحة الجمارك كشف عن  إعفاء معظم المكونات التى تدخل بصفة مباشرة فى إنتاج أعلاف الدواجن مثل «الذرة - فول الصويا - الإنزيمات - الإضافات التى تحتوى على فيتامينات - السورغوم»، لتشجيع الصناعة الوطنية، وهو ما أكده رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل وقتها، وأعلن أن كل الأعلاف والمدخلات فى إنتاج صناعة الدواجن معفاة من الجمارك، وأن الأسعار العالمية للدواجن منخفضة.
 
وبعد إثارة القضية فى مجلس النواب تراجعت الحكومة وأعادت الجمارك، وبالرغم من ذلك ظلت فكرة الاحتكار مستمرة وخلال الشهور الماضية كان المتوقع أن تنخفض الأسعار وهو ما لم يحدث، وبعد طرح المستورد من البرازيل وأوكرانيا، عادت المناقشة من جديد. 
 
وإذا كان الطبيعى أن كل طرف ينظر للموضوع من زاويته ومصالحه، حيث إن قرار إلغاء الجمارك يضر مصالح  المنتجين والاستيراد يضاعف العرض ويخفض الأسعار، فإن الحقيقة أن ما يحدث لا علاقة له بقوانين السوق والعرض والطلب، والمستوردون ليسوا أقل من المنتجين المحليين جشعا، ويظل مثيرا للدهشة أن تصل الفراخ من أوروبا أو البرازيل، بأسعار أقل من المحلى. 
 
وبالتالى لا يكفى أن نلوم الجشعين ونطالبهم بتحكيم ضمائرهم، ولكن يجب تفعيل آليات السوق، وفى نفس الوقت من المهم عند طرح المستورد أن يتم هذا فى سياق واضح، وتوفير معلومات، وأيضا ربما يكون مطلوبا أن تصدر الجهات المعنية بيانات عن سبب اقتراب تاريخ الصلاحية، مع الأخذ فى الاعتبار أن قوانين العرض والطلب واقتصاد السوق لا تعنى ترك حرية الاحتكار، وأهم قوانين السوق الحر هى المنافسة، ومواجهة الاحتكار، وهى عناصر تسهم فى ضبط السوق وضمان حماية المستهلك، لأن المستهلك هو الوحيد الذى يتضرر من غياب المنافسة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة