سؤال بسيط وسهل وخال من كل العقد والكلاكيع: نحن نريد سياحة ولا لأ؟! وهل لدينا إدراك حقيقى بقيمة وأهمية القطاع السياحى؟!
أعتقد أن السنوات السبع العجاف الماضية، تكفلت بالإجابة، فمنذ اندلاع سرطان 25 يناير 2011 وحتى كتابة هذه السطور، دفع القطاع السياحى الثمن، وانهارت الصناعة، وأعلن عدد كبير من المستثمرين إفلاسهم، وتحولت المنتجعات السياحية إلى خراب ينعق فيها الغربان، وتشرد ملايين العاملين بالقطاع فى الشارع.
ولمن لا يعلم، فإن القطاع السياحى، هو قاطرة التنمية الحقيقية فى مصر تحديدا، وأن دخلها لا يذهب فقط إلى خزينة الدولة، بل يذهب إلى جيوب المصريين مباشرة، بدءا من سائق التاكسى ومرورا بأصحاب الجمال والحمير وبائعى الأنتيكات والتحف والبازارات والمطاعم، ولكم فى عام 2010 أسوة عظيمة لما صنعه القطاع من آثار إيجابية رائعة على الاقتصاد المصرى برمته، حيث ضخ فى خزينة الدولة أكثر من 14مليار دولار.
نعم، 14 مليار دولار كان صافى دخل القطاع السياحى فى 2014 وإذا كان برنامج إصلاح اقتصاد مصر تطلب الضخ فى شرايينه 12 مليار دولار عبارة عن قرض من صندوق النقد الدولى، لا تحصل عليه دفعة واحدة، ولكن على دفعات، وحسب تنفيذ البرنامج المتفق عليه فى الفترة الزمنية المحددة، وما سببه هذا القرض من أوجاع وآلام مريرة للمصريين جميعا، فإن استمرار القطاع السياحى فى عنفوانه ما احتاجت مصر هذا القرض، وما كان هناك أوجاع اقتصادية!!
تأسيسا على ذلك، ومع بوادر انفراجة السياحة فى مصر، فوجئنا بصرخة من المستثمرين فى القطاع الحيوى بشكل عام، وأصحاب والعاملون فى الفنادق العائمة بشكل خاص من حجم الروتين وتعنت الوزارات المختلفة وتدخلها الفج فى سير العمل بالقطاع السياحى.
القصة كما يرويها العاملون فى الفنادق العائمة، أن هناك لجانا تم تشكيلها من وزارتى الصحة والسياحة، وهى لجنة تختلف عن اللجنة المركزية والتى تضم فى عضويتها مسؤولين من وزارات الصحة والنقل والرى والسياحة ومسؤول عن كل محافظة سياحية، وذلك للتفتيش على الفنادق العائمة، خاصة بعد حالة التسمم التى أصابت عددا من المصريين مؤخرا جراء تناولهم وجبة غذاء فاسدة.
الأمر جيد أن يكون هناك اهتمام بالتفتيش والمتابعة الدورية على المنشآت السياحية، لتفادى الأزمات والمشاكل، والتأكد من تقديم خدمة رائعة للسائح، إلا أن نهج وعمل هذه اللجان أصبح معيقا ويمثل عبئا كبيرا من خلال التعنت الشديد فى المطالب غير المبررة والتى تتصادم مع قواعد العمل الفندقى.
الدليل أن اللجان المشكلة مؤخرا من الوزارات المعنية، ومنها وزارة الصحة، ذهبت إلى الأقصر وبدأت عملها فى التفتيش والمراقبة على مطابخ الفنادق العائمة، وأظهرت كمًا من الروتين والتعقيدات بما أثارت حفيظة أعضاء اللجنة من العاملين فى وزارة السياحة، وحدث صدام عنيف على إحدى العائمات، ووصل الاختلاف بينهم إلى حد الاشتباك اللفظى، ومحاولة كل منهم فرض سلطاته ونفوذه، وهو ما أثار سخط العاملين من هذا المنظر العبثى.
ورفضت اللجنة منح تراخيص لعدد من العائمات رغم أنها نفذت كل طلبات اللجنة، وتفادت جميع الملاحظات بشكل غريب وعجيب، وكأن الأصل فى التفتيش اصطياد الملاحظات لذبح المنشأة السياحية، وليس لتفادى الملاحظات، والحصول على تعهدات رسمية بعدم تكرارها، ووقف المسؤولون بوزارة السياحة موقف العاجز، وعدم القدرة على مواجهة أزمة تعنت مسؤولى وزارة الصحة.
ناهيك عن لجنة وزارة الرى التى طالبت بضرورة رفع تعريفة رسو الفندق العائم المتوقف عن العمل من سداد 120 جنيا يوميا، إلى 1000 جنيه يوميا، أى مطلوب تسديد رسوم للفندق العائم الواحد والذى لا يعمل نظرا لتدهور القطاع برمته، من ثلاثة آلاف و600 جنيها شهريا، إلى 30 ألف جنيه، وهو رقم خرافى وخزعبلى فى قطاع مريض، ويحاول أن يسترد قوته خلال الفترة المقبلة.
ومن المعلوم بالضرورة، أن وزارة السياحة هى صاحبة الكلمة، والمنوطة بكل ما يتعلق فى الشآن السياحى بتفريعاته المتعددة، وليس وزارات النقل والرى والتنمية المحلية والصحة، وعلى هذه الوزارات أن تأخذ بأطروحات مسؤولى وزارة السياحة، كونهم المعنيين بالأمر، والفاهمين والعارفين ببواطن أموره.
وتاريخيا، فإن هناك لعنة أصابت الإدارة المصرية منذ فجر التاريخ، وزاد استفحالها خلال الـ50 عاما الماضية، تتمثل فى الاستغراق فى تفاصيل تشكيل اللجان المنبثقة عن لجان لمناقشة حادث جلل، أو أزمة خطيرة، وترسخ فى أذهان المصريين مفهوم أنه إذا أردت إخماد أزمة أو قتل مشروع ناجح، شكل له لجان!!
لذلك نطالب رانيا المشاط، وزيرة السياحة، المحترمة، بالتدخل، وأن تدرك أهمية القطاع السياحى، كونها شخصية تتمتع بخبرات واسعة فى قطاع البنوك، والاستثمار، والقدرة على توظيف وحسن إدارة المحافظ النقدية، أن تنتهى سريعا من دراسة جميع العقبات وعلاج جميع الأمراض والتشوهات التى تعترض الاستثمار فى القطاع السياحى، وأن تضع حدا لاستفحال تدخل المحليات وتعنت لجان الوزارات المختلفة فى العبث بهذا القطاع الحيوى!!
ولك الله يا مصر...!!
عدد الردود 0
بواسطة:
الفلاح العربي الفصيح
يا أستاذ أنت صحفي مرموق .. كان عليك أن تتوخى الحرص بسؤال الجانبين ..
يا أستاذ : إذا أتاك أحد الخصوص يشتكي بأن فقأت عينه ، فلا تحكم له فربما الآخر قد فقأت عيناه .. ببساطة : كان عليك أن تتوخى الحرص بسؤال الجانبين ، وهل كلام أصحاب الفنادق العائمة على صواب ، أم أنهم لا يحبون التدقيق ، وعايزين يعيشوا في أته محلولة .. أم أن موظفي الروتين ، معقدون ، ومتعدون ، وغلاظ ، ومتعسفون في أليات التفتيش والتقصي الخاصة بهم .. والمخطىء لا بد يأخذ حقه من الجزاء والعقاب ، والمصيب يستحق أن نقف بجواره ، ونؤازره .. عايزين القادم من الأيام ، يكون لصالح المحق ، وكلنا ضد المسىء مهما كانت قيمته وقامته .. وهذا هو الحق .