منذ أيام أشار الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى نقطة غاية فى الخطورة أغضبت البعض وظنها تدخلا فى عمل الإعلام، ولكن تأتى الأزمة تلو الأخرى لتثبت بأن ما تحدث فيه الرئيس بضرورة دراسة الإعلام للملفات المختلفة قبل الحديث إلى الناس، ليس تدخلا بقدر ما هو إعادة تصحيح لمسار إعلامى يساهم دون أن يدرى فى إهداء الإخوان مساحات لنشر التشكيك
فى مسألة الفراخ المجمدة، دارت أكاذيبهم حولنا دورة كاملة، حتى أصابنا التيه، واستيقظنا من «دوخة» الدوران ونحن نصدق أكذوبتهم هم، ونكذب واقعنا نحن، حسنا هم يربحون جولاتهم بهذا الشكل، ينشرون الفزع والإرتباك والتشكيك، بمساعدة أهل الهستريا فى بعض مواقع الصحف والفضائيات المصرية، يستخدمونهم ويستخدمون عدم اطلاعهم وتركيزهم وهرولتهم للرد السريع لخلق أجواء من الإرتباك والشك، حدث هذا فى أزمة الفراخ وقبل أن تسأل كيف تعالى أخبرك ..
يستغل الإخوان أن البعض من أهل إعلامنا لا يقرأ ولا يسمع ولا يشاهد هو يتحرك وفق موجة الهستيريا أو الترند المصنوع على مواقع التواصل الاجتماعى، بعضهم يتحرك بغيرة ورغبة فى الدفاع عن الوطن وبعضهم يتحرك ليعتلى الموجة، وكلاهما فى الهزيمة شركاء.
انتشر فيديو لشاب يحذر من الدواجن المجمدة، وحذر الناس من شرائها، من قلب الماء العكر اصطاد الإخوان هذا الفيديو، نشروه على صفحاتهم مرفق بنصوص ومعلومات حول الفراخ المجمدة منتهية الصلاحية، وخرج مذيعو الإخوان فى الفضائيات التى تبث من تركيا وقطر يصرخون ويهتفون ضد الدولة التى تقتل مواطنيها بفراخ منتهية الصلاحية، نصب الإخوان الفخ وسحبوا الإعلام والمواقع الصحفية المصرية إليه، وانتشرت الهستيريا الكل يريد أن يقدم نفسه مدافعا عن الدولة، وتلك نوايا حسنة ومحمودة، ولكنها تتحول إلى فعل ضد الدولة إذا تقدم أحدهم للدفاع عنها دون أن يبحث أو يدرس أو يذاكر القضية التى يتصدى للدفاع عنها.
سقط كثيرون من أهل الإعلام فى الفخ وبدأوا فى رحلة الهجوم على صاحب الفيديو رغم أنه نفسه صاحب دليل براءة الدولة من التهمة التى اخترعها الإخوان بخصوص الفراح المستوردة الفاسدة، تسألنى الآن كيف أقول ذلك، ووسائل الإعلام تنشر منذ أيام قصصا عن الهوى الإخوانى لصاحب الفيديو، وكيف أراد هذا الشاب إفزاع المصريين بتخطيط إخوانى؟! سأخبرك.
أتحداك أن يكون إعلاميا واحدا أو صحفيا واحدا ممن تصدوا لمناقشة هذا الأمر والرد على شائعات الإخوان، قد أنصت أو استمع لمحتوى الفيديو الذى انطلقت منه شرارة الفراخ الفاسدة، لأن الاستماع إلى الفيديو والتركيز مع محتواه هو أكبر دليل على أنه لا قضية من الأساس، ولا اهتمام موجه إلى الدولة المصرية، محتوى الفيديو لا يتضمن أى إشارة إلى الجيش ولا مؤسسات الدولة من قريب أو بعيد، وفى محور آخر يحذر الشاب من فساد ضمائر بعض التجار وأصحاب المزارع الذين يطرحون فى الأسواق المجهولة منتج مجهول عبارة عن فراخ مجمدة بأسعار رخيصة، لأن بعض مزارع الدواجن أصابها فيروس، وهو أمر عادى ومكرر حدوثه منذ عشرات السنوات لمن يتابع بورصة الدواجن وسوقها، يحدث أن ينهى فيروس فى الشتاء محتوى بعض المزارع وبدلا من أن يتم إعدامها، يقوم بعض التجار بمخالفة ضمائرهم وطرحها للبيع، وفى الغالب تعلن مباحث التموين عن عدة قضايا تنتهى بسجن أصحاب المزارع والتجار الذين خالفوا ضمائهم، إذن الشاب لم يتهم الدولة ولم يتحدث عن الدواجن المستوردة من قريب أو بعيد.
الأمر الأخر أن محتوى الفيديو لم يتضمن أى اتهام للجيش ولا لوزارة التموين ولا للمجمعات الاستهلاكية كما روج الإخوان ونشروا وصنعوا الهستيريا، بل على العكس تماما محتوى الفيديو طالب النائب العام والدولة بتحذير المواطنين من الدواجن مجهولة المصدر.
إذن هى ضجة افتعلها الإخوان ونشروه على مواقع التواصل الإجتماعى وهم على يقين بأن بعض إعلامنا يسقط ضعيفا فى موجات الهستيريا، والتجارب فى ذلك كثيرة، يلقى الإخوان أو النشطاء بالطعم أو التريند على مواقع التواصل الاجتماعى فى الصباح ويجبرون إعلام مصر كله على اللهث خلفه فى المساء، لتتضخم مساحات الارتباك ويتم التغطية على أى إنجاز تقوم به الدولة أو الحكومة، مثلما هو الحال فى ملف الدواجن وأسعارها، فلقد نجح الإخوان فى سحب الناس من مجال الاهتمام بإنجاز الدولة الذى تحقق بخفض أسعار الدواجن إلى ساحة معركة لإثبات براءة الدولة من تهمة بيع سلعة منتهية الصلاحية، باختصار ساهم بعض أهل إعلامنا فى تصوير الدولة كمتهمة تسعى للبراءة فى الوقت الذى كان يجب تصويرها كصاحبة إنجاز فى ملف تخفيض أسعار الدواجن، وتلك هى أزمة من لا يقرأ ولا يسمع ولا يعترف بالمذاكرة، تلك هى الأزمة التى تكلم عنها الرئيس وهو يخاطب الإعلام، طالبا من أهله دراسة الملفات قبل الحديث فيها.