فى تعليقها على انهيار أسواق المال العالمية، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن عصر الأموال السهلة قد انتهى، مشيرة إلى أن هناك توقعات واسعة بزيادة أسعار الفائدة.
وأشارت الصحيفة، فى تقرير على موقعها الإلكترونى، اليوم الأربعاء، إلى إن الحقبة الطويلة التى شهدت سهولة الوصول إلى الأموال التى صممتها البنوك المركزية فى أسيا وأوروبا والولايات المتحدة انتهت، لتبدأ فصلا جديدا يتعين فيه على المؤسسات دفع المزيد مقابل الاقتراض، كما سيدفع الناس العاديين المزيد للتمويل العقارى وشراء السيارات وغيرها.
ويتوقع المستثمرون ارتفاع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع مما كان متوقعا لها، ومن المؤكد تقريبًا داخل الولايات المتحدة، وربما فى نهاية المطاف فى أوروبا وأسيا أيضًا، وتشير الصحيفة إلى أن المستثمرين سحبوا أموالهم من البورصة وأودعوها فى مستودعات أكثر أمنا للثروة مثل السندات والنقدية.
بدأت موجة من عمليات البيع فى نيويورك، الجمعة الماضية، واستمرت فى آسيا وأوروبا حتى الاثنين، ثم أكملت رحلتها عبر العالم مع انخفاض حاد فى أسهم البورصات، وفى الوقت الذى استمر فيه التراجع العالمى، أمس الثلاثاء، تراجع القلق فى الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 سهم بنسبة 1.7 % عند الإغلاق، وساعدت المكاسب على محو بعض الخسائر خلال الأسبوع الماضى، على الرغم من أن مؤشر S. & P. 500 لا يزال بعيد بنحو 6 % من ذروته فى أواخر يناير الماضى.
وتشير الصحيفة إلى أن ارتفاع معدلات الفائدة يؤثر بدوره على النمو الاقتصادى، حيث تجعله أبطأ وتجعل الأسهم أقل جاذبية، لأن الشركات يجب أن تدفع أكثر لسداد ديونها، ويمكن للمستثمرين أن يبذلوا المزيد من خلال الإبقاء على حيازاتهم نقدا أو فى شكل سندات، بدلا من قبول المخاطر المرتفعة للأسهم.
ومن السخرية المريرة، تقول نيويورك تايمز، إن الانقلاب الحالى فى أسواق الأسهم، حدث بسبب أمر كان ينتظره العالم لسنوات وهو ارتفاع أجور العمال، فحتى فى ظل انخفاض معدلات البطالة بشكل كبير فى بريطانيا واليابان والولايات المتحدة، واصلت الشركات البحث على سبل جديدة لطرح المزيد من المنتجات وبيع المزيد من الخدمات دون دفع المزيد لموظفيها، وقد كان هذا مصدرا رئيسيا لعدم الارتياح بين العاملين، وكان موضوعا للقلق بين واضعى السياسات.
غير أنه الجمعة الماضية، كشفت آخر نشرة شهرية لسوق العمل الأمريكية، أن الأجور قد ارتفعت 2.9 % فى يناير الماضى مقارنة مع العام السابق، وأن سوق العمل الضيق يجبر أصحاب العمل على دفع المزيد، ويدل هذا على تعزيز القوة الاستهلاكية الأمريكية، لأنه إذا كان المزيد من الناس العاملين يأخذون المزيد من المال، فمن المفترض أن يكونوا أكثر ميلا لشراء المنازل والسيارات، وتوليد فرص العمل فى البناء وفى مصانع السيارات من ميشيغان الى ولاية كارولينا الجنوبية، وسوف تملأ المطاعم، مما يستلزم المزيد من سائقى الشاحنات لنقل الطعام، والمزيد من الميكانيكا للحفاظ على تشغيل الشاحنات.
لكن الزيادة فى أجور العمال الأمريكيين تعنى شيئا آخر، فبحسب خبراء الاقتصاد كان ذلك تحذيرا وامضا للمستثمرين بشأن التضخم المحتمل، أو ارتفاع الأسعار، ما أدى إلى شل العديد من الاقتصادات، البنك الاحتياطى الفيدرالى يقظ دائما، ويمارس أداة قياسية للتخلص من التضخم إذا لزم الأمر وهى ارتفاع أسعار الفائدة، وهو تحول صحى لاقتصاد عالمى يمكن أن يغلق أخيرا كتاب الأزمة المالية العالمية التى بدأت قبل عقد من الزمان.
وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن ما حدث من خسائر البورصات العالمية والتى تقوده أسواق الأسم الأمريكية هو نتاج تفاعل مع التخفضيات الضريبية فى الولايات المتحدة والتى ترتبط بمتغيرين رئيسيين وهما التضخم والخوف من التضخم، فمنذ سبتمبر الماضى وحتى بداية الأسبوع الماضى كان ارتفاع عائدات السندات يعود إلى إعادة تقييم من جانب المستثمرين لما سيقوم به مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى على مدى العقد المقبل.
وتوضح الصحيفة، أن ارتفاع عائدات السندات، كان مدفوعا بشعور المستثمرين بعدم اليقين حول مسار التضخم، وكذلك معدلات الفائدة وبالتالى كان لابد من البحث عن بديل آمن للأسهم وهو ما تمثل فى سوق السندات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة