إذا أردنا تقييم الأداء المصرى الاقتصادى والسياسى سنلاحظ أنه فى تطور وارتفاع دائم، فالتحركات والجولات الرئاسية التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخرا تأتى ضمن الجهود المستمرة لسياسة مصر ورهانها على حل عربى بتسوية من داخل الإدارة والإرادة العربية وذلك بتنسيق سياسى واقتصادى يسمح بوضع كل الملفات الشائكة على طاولة الحوار، وبهدف لإعادة تعميق العلاقات فحالة الالتباس فى كيفية التعامل مع من حولنا من القوى الإقليمية والتدخلات الدولية وتحديات عديدة أخرى وجب معالجتها سريعا بهدف الحفاظ على سيادة الدول العربية وهويتها لنضمن بها أمننا القومى.
هناك تهديدات مستمرة ليس من إخوان إرهابيين واعداء واطماع فقط ولكن هناك محاولات للتمدد فلقد وجدنا وزير الخارجية التركى، مولود جاويش أوغلو يعلن أن بلاده تخطط لبدء التنقيب عن النفط والغاز شرقى البحر المتوسط فى المستقبل القريب، معتبراً أن التنقيب عن هذه المصادر وإجراء دراسات عليها يعد حقا سياديا لتركيا، عجبى ؟! ثم استمر بالتبجح بالقول إن الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص عام 2013 بهدف استغلال المصادر الطبيعية الممتدة فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لهما شرق البحر المتوسط، لا تحمل أى صفة قانونية .. تطاول وتدخل جديد سمع بسببه الرد والردع المناسب من مصر هذا من جانب، ومن جانب آخر نجد الإصرار الإيرانى على استعراض عضلات "إيران" خارج حدودها. فكلام أحد المسئولين الإيرانيين عن أن الجيشيْن العراقى والسورى درع لـ“الجمهورية الإسلامية” يعطى فكرة عن الرغبة فى التظاهر بالقوّة والنفوذ لترهيب الدول العربية القريبة والسعى إلى ابتزاز الخليج من جهة وأمريكا من جهة أخرى .
فهى فى التقييم تعد محاولة من الفرس لتأكيد اخر خارج عن المنطق فى التصريح بأن "من غير المنطقى أن يحصر بلد نطاق أمنه داخل حدوده . نحن نعتبر الجيشين السورى والعراقى عمقا إستراتيجيا لنا”. أضاف هذا المسؤول وهو قائد الحرس الثورى “إن أفضـل إستراتيجية للاشتباك مع العـدو تكون من بعد”. وهذا يعنى بكل وضوح استعداد إيران لنقل المواجهة العسكرية مع أمريكا، فى حال حصولها، إلى أراضى العراق وسوريا حيث هناك وجود للقوات الحليفة لإيران هناك .. والتوقيت هنا مهم .فما تريده إيران من خلال هذه التصريحات النارية فيها بين حين وآخر هو الظهور فى مظهر القوة الإقليمية المهيمنة، فى ضوء ردها ومناوشاتها مع إدارة دونالد ترامب بسبب عرقلة الاتفاق فى شأن ملفها النووى . لعل أخطر ما تفعله إدارة ترامب يتمثل فى وضع هذا الاتفاق فى حجمه الحقيقى من جهة، ومنع إيران من تحقيق مكاسب اضافية من جهة أخرى. بسلوكها خارج حدودها وبالصواريخ الباليستية التى تهربها إلى اليمن لتهدد أمن السعودية ؟!
كل هذا يتطلب تنسيقا عربيا، كما يحتاج من مصر أن تتقدم بطروحات مقبولة من غالبية الأطراف فنحن نقترب من موعد القمة العربية فى مارس القادم، وقد قام الرئيس السيسى بزيارة إلى سلطنة عمان والإمارات تم خلالها مناقشة كافة التحديات التى تواجه الدول العربية وضرورة ايجاد قواعد جديدة يمكن الاستناد عليها لدعم الحلول السياسية واعادة ادارة الأزمات فى القضايا بآليات عربية، حيث انه ثبت اننا أصبحنا أمة فى خطر .. نحتاج للترفع عن المشاكل ومواجهة الخطط والأطماع، أيضا فالاستنفار الدائم لتأمين حدود مصر والحفاظ على كيان الجيش الليبى بالتدريب والدعم ورأب الصدع بين القبائل لإفشال طموح المليشيات الإرهابية والحفاظ على هوية ووحدة الدولة الليبية من الهموم المصرية الاساسية، وعلى الاعلام أن يتفهم خصوصية المرحلة ويدرك ويساهم فى إزالة الشبهات من كل أداء ويحجم كل من يعرقل التفاهم العربى .