مع إننى لست مع فكر المصادرة على حقوق الأخريين لعرض الأراء والأفكار وطرحها على المواطنين لنيل ثقتهم والمفاضلة بين المرشحين كل حسب ميوله وانتماءاته. إلا أنني لا أستطيع أن أتحلى بذات الهدوء أمام البيان الذى أصدرته مجموعة من الذين لم يرتقوا لأن يتصدروا المشهد السياسي بشكل حقيقي بالتعاون بعض الخاسرين فى الانتخابات السابقة، والمنسحبين من إحتمالية الترشح، والذين فشلوا جميعا فى التكتل لحصد أصوات نواب من البرلمان أو الحصول على توكيلات لخوض المعترك الانتخابى ، كنموذج يحتذى به حال طلب استهداف الفشل الصريح.
طالعنا الأسبوع الماضي بيانا ممن أطلقوا على أنفسهم ما يسمى بـ " الحركة المدنية الديموقراطية " يدعون فيه المواطنون إلى مقاطعة الانتخابات ، لقائمة طويلة من التعبيرات الإنشائية ، التى لا تحل ولا تربط ، ولا تضع فى حساباتها أيا من مصالح الدولة أو المواطنين الذين يوجهون خطابهم إليه .
وبغض النظر عن البيان نفسه، فإننى آثرت تأمل الجبهة نفسها ، المكونة من مجموعة من المرشحين السابقين ، والأحزاب الكرتونية ، التى لم تحرك ساكنا طوال عقود، لم تسع للتواصل لا مع المواطنين أو الدولة، ولم تقدم شيئا يذكر. ذلك على الرغم من التمويلات الكبيرة التى كانت بلا ضابط أو رابط خلال الأعوام ما بعد 2011 والتي قد أحكم غلقها الآن، وصار من يبتغى التصدى للعمل السياسي فى الدولة المصرية عليه الإعتماد على شعبية حقيقية ، لإقناع المجتمع بقضيته ، وتمويل حراكه ذاتيا وبأموال مصرية خالصة لتحقيق مصالح محلية .
بالأمس القريب انسحب المرشح المحتمل خالد على وهلل البعض لهذا الانسحاب، الذى اعتاده بعض من يدّعون المعارضة، يحاولون أن يحشدون البعض ويشحنونهم ضد أى حراك يحدث، ثم يولون الأدبار، كم مرة تكرر نفس سيناريو الخذلان، وبالطريقة نفسها، الأمر الذى يدعونى للتأمل والتساؤل إن كان هؤلاء أصحاب قضية حقا أم أن المصالح تنقضى فيتفرقون كل إلى طريقه.
وفى كل خطوة حاسمة فى اتجاه المستقبل، وكل معترك انتخابى، يخرجون على المواطن العادي بالعويل، وتثبيط الهمم والتشويه والتشكيك في إنتخابات لم تنعقد بعد، لا لغاية إلا تعطيل الإجراءات الدستورية، سواء فى انتخابات مجلس النواب، أو فى انتخابات الرئاسة.
ذلك مع أن المنطق يقول أن الطريق الوحيد لحياة ديموقراطية، هو أن يمتثل الجميع إلى صندوق الانتخابات ، وأن يضع كل تيار على عاتقه مسئولية الأصوات الانتخابية التى تدعمه ، وأن يقبل بوضعه الحقيقى فى المجتمع ولدى المواطن دون مزايدة أو إختلاق زاعمات واهمية .
والواقع لا أتصور كيف يدعو هؤلاء المواطنين للمقاطعة ، وهم أنفسهم فشلوا فى الإتفاق على مؤتمر واحد لإعلان دعم مرشح واحد ، وقبيل المؤتمر انهارت الجبهة التى يحاولون تشكيلها للتشكيك فى الانتخابات والطعن في عملية انتخابية لم تنقضى من مراحلها سوى المرحلة الأولى فقط ، وخرج المؤتمرون يطعنون فى بعضهم البعض على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة ، هذا لم يحضر المؤتمر تضمنا مع حزب لم يدع ، وهؤلاء لم يوجهوا الدعوة أصلا لصديقهم اللدود، إضافة إلى بعض المشكوك فى ذممهم وأهدافهم .
المؤكد إننا هنا لسنا ضد أحدا ، إلا هؤلاء ممن يحاولون عرقلة مسيرة هذه الدولة في طريقها للمستقبل ، إنها دولة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة