قضية تمكين المرأة فى العالم العربى لازالت قضية بالغة الأهمية هذا لما تتشابك معه من قضايا أخرى على جميع المستويات وفى جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وهنا يجب أن ننظر للقضية على أنها جزء من قضايا أخرى على طاولة النقاش لدى الحكومة المصرية مثل مكافحة الأمية والفقر ورفع المستوى المعيشى للمواطن المصرى ودعم ميزانية الأسرة المصرية التى تشكل المرأة فيها ضلعا أساسيا ورئيسا، وعلى الرغم من تدنى نسبة الأسر التى تعيلها المرأة فى الدول العربية مقارنة بمناطق أخرى من العالم، إلا أنها تشهد ارتفاعا ملحوظا فى الآونة الأخيرة لأسباب لا تعد إيجابية أبرزها زيادة معدلات الطلاق وتأخر سن الزواج، فسنجد أن نسبة المرأة المعيلة فى مصر الآن قد ارتفعت إلى 13%.
لكن الجانب المضىء فى هذه القضية هو توجه الحكومة المصرية نحو قضايا المرأة حيث إنه مفعم بالكثير من الإيجابية، فنجد الرئيس السيسى والحكومة المصرية قد أعلنت الماضى عام تمكين المرأة المصرية فى جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة، وخاصة الاقتصادية، حيث تم تضمين المرأة ومشاركتها فى سوق العمل المصرى كجزء لا يتجزأ من خطة الإصلاح الاقتصادى وخطط التنمية المستدامة لرؤية 2030، لم يكن هذا نظريا فقط، فقد وجدنا الحكومة تتخذ خطوات واضحة وثابتة لتمكين المرأة متمثلة فى عدد من الإجراءات الجدية التى اتخذتها بعض الوزارات وعلى رأسهم وزارة التضامن الاجتماعى، فقد أولت الدكتورة غادة والى اهتماما ملحوظًا لهذا الهدف وكرست الجهود لذلك، فنجد أن العام بدأ ببروتوكول تعاون متميز وواضح البنود مع المركز القومى للمرأة تدشينًا لعام المرأة، بهدف دعم تنمية وحماية المرأة وتمكينها اقتصادياً واجتماعيا، حيث أكدت الدكتورة والى على أهمية البدء بالجانب الاجتماعى الذى سيسهل من عملية التمكين الاقتصادى بالتبعية.
كما هدف البروتوكول إلى تحسين السياسات والبرامج والخدمات المقدمة للمرأة المصرية وذلك من خلال عدة محاور منها التعاون لإعداد مقترحات مشروعات قوانين لتيسير حصول المرأة على الخدمات الخاصة بها وخاصة المرأة المعيلة وذات الإعاقة والمرأة المسنة والأشد احتياجًا مع وضع السياسات والبرامج الداعمة للمرأة والتى تؤدى إلى تحسين أوضاعها وتمكينها.
فى هذا السياق، فقد تم العمل على إعداد دليل يتضمن الخدمات المقدمة للمرأة على مستوى المحافظات، وتعريف المرأة بحقوقها الدستورية والقانونية فى مختلف المجالات ورفع الوعى القانونى لمكلفى الخدمة العامة فى دور الخدمات الاجتماعية مع تفعيل الدور التطوعى للشباب لدعم وتطوير ومراقبة جودة خدمات الرعاية الاجتماعية المقدمة.
بالعودة إلى خطة التنمية المستدامة 2030، فإن التمكين قد بدأ من أبسط الحقوق وأكثرها تلقائية، ألا وهى الحماية، حيث إن العمل الآن يتركز فى حماية المرأة وتعديل منظومة قوانين الأحوال الشخصية والحداية المدنية حتى يتسنى للمرأة المشاركة بكامل الحرية فى العمل والمجال الاقتصادى بل والمساهمة التنموية المجتمعية الكاملة، ثم لتأتى بعد ذلك، المشاركة السياسية الكاملة.
وتتخذ هذه الرؤية من محورين أساسيين نقطة انطلاق لها فى إصلاح المنظومة شاملة ألا وهو التشريع وتغيير الثقافة، ما يحدث الآن من إنجاز فى على مستوى التشريعات هو أمر مذهل خاصة أن مناقشة قضايا حساسة تخص المرأة والمجتمع أصبحوا الآن جزءَ من الحوار المجتمعى ومثل هذه القضايا: الوصاية والطلاق والخلع وغيرهم الكثيرين.
أما على المستوى الأكثر عملية، تغيير الثقافة، فإن دور القطاع الخاص والمؤسسات غير الحكومية يعد حاسمًا، حيث إن دور هذه المؤسسات فعالا لطرح المزيد من المبادرات ونشر المزيد من الوعى الثقافى نحو المزيد من المرونة والتفتح لاستقبال المرأة كعضو أساسى فى بيئة العمل قادرا على المساهمة فى التقدم والنهوض، بل ويتحمل نفس القدر من المسئولية تجاه الإصلاح الاقتصادى والتنمية والنهوض.
آخيرا، ما يبشر بالكثير من الإيجابيات والمزيد من الفرص الجادة هو الحوار والطرح الخلاق للحلول العملية وهو ما يجب أن يركز عليه جميع الأطراف المعنيين بالمسئولية.