بعد سنوات طويلة من العزلة، ستفتح كوريا الشمالية أبوابها على العالم وعلى الغرب خصوصا، وبعد سنوات طويلة من تطوير السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل، ستنعقد أول قمة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون فى مايو المقبل، بحسب ما أعلنه وفد الوساطة الكورى الجنوبى الذى زار بيونج يانج منذ أيام.
القمة المرتقبة التى يصفها محللون بأنها قمة الرعب، يمكن أن تكتب فصلا جديدا فى السياسة العالمية، حال توصل الرئيسان إلى اتفاق حول نزع السلاح النووى أو وقف التجارب النووية والصاروخية العابرة للقارات والمحملة برؤوس نووية، خاصة أن كوريا الشمالية التى تخضع للحصار الاقتصادى والسياسى منذ عقود، سعت إلى كسر هذا الحصار بإطلاق تهديدات كارثية تصل إلى إشعال حرب نووية ضد الولايات المتحدة والغرب كله، الأمر الذى يعنى ببساطة تدمير العالم ونهاية الإنسانية.
هل مجرد عقد القمة بين ترامب وكيم جونج فى ذاتها إنجاز للسلام العالمى؟ أم أن العبرة بما يمكن أن يتمخض عنها من اتفاقيات وقرارات تصب فى تدعيم حالة السلم الدولى؟ خاصة أن حالة السلم الدلى باتت مهلهلة ومنهكة جراء مشروع الفوضى الخلاقة ودعم الجماعات الإرهابية الذى تبنته واشنطن وحلفائها الغربيين تجاه الشرق الأوسط، وكذا الإعلان الروسى الأخير عن أسلحتها الجديدة وصواريخها المدمرة، الأمر الذى يمكن أن يشعل من جديد وبصورة سافرة سباق التسلح بين واشنطن وموسكو.
مستشار الأمن القومى الكورى الجنوبى، تشونج يوى يونج، قال فى مؤتمر صحفى أمام البيت الأبيض: إن زعيم كوريا الشمالية وافق خلال المحادثات الأخيرة على وقف التجارب النووية والصاروخية وأنه ملتزم بنزع السلاح النووى، وبصرف النظر عما إذا كان تصريح مستشار الأمن القومى لكوريا الجنوبية يعنى حقا موافقة زعيم كوريا الشمالية على وقف التجارب النووية والصاروخية أو نزع أسلحته النووية، فإن الاقتراح الأول يعتبر فى حد ذاته تقدما كبيرا وتاريخيا فى العلاقة بين الغرب وكوريا الشمالية التى باتت أحد المخاطر الأساسية على العالم كله.
وإذا كان المحللون يستبعدون تخلى كيم جونج عن ترسانته الحالية من الأسلحة النووية والصواريخ مهما كانت الإغراءات الأمريكية، لأن ترسانته من أسلحة الدمار الشامل هى ما أوصلته للحوار بندية مع أكبر قوة فى العالم، وكذا هى وسيلته الأساسية فى حشد قدرات الشعب الكورى الشمالى والحفاظ على تماسكه ودفعه لمزيد من التطويرفى مجال التصنيع والتسليح، فإن ما يمكن أن تقدمه واشنطن من تسهيلات اقتصادية ومساعدات وتخفيف الحصار عن بيونج يانج يمكن أن يكون ملائما وكافيا لبدء صفحة جديدة ووقف التجارب النووية والصاروخية من قبل بيونج يانج، وهو أمر مرض للغاية بالنسبة للحلفاء الغربيين فى آسيا، كوريا الجنوبية واليابان.
ولكن، ماذا لو تحولت قمة الرعب بين ترامب وكيم جونج أون إلى نوع من العتاب المتبادل على ما وجهه كل رئيس إلى الآخر من شتائم مقذعة؟ ترامب هدد كيم بأن الزر النووى الذى يملكه أكبر بكثير من الموجود على مكتبه فى بيونج يانج كما وصفه بأنه رجل الصاروخ، والبدين القصير، فيما رد عليه كيم بالمجنون والدودة والسفاح والمعتوه وأن تصريحاته تشبه عضة الكلب المسعور! هل نأمل أن يتناسى الرئيسان تاريخ الشتائم المتبادلة بينهما وأن ينطلقا من بحث تهديدات السلاح النووى، أم أن الشخصية الانفعالية لكليهما يمكن أن تفاجئنا بقمة مسرحية!