ربما يتذكر المتابع لأحداث مجلة ناشونال جيوغرافك الأمريكية، واعترافها بأن تقاريرها الماضية اتسمت بالعنصرية ضد الأمريكيين من غير البيض "السود"، فيلم Detroit الذى تم عرضه مؤخرًا، ويتعلق بنفس القضية، ولكن بشكل أكبر.
يدور فيلم Detroit وهو اسم أكبر مدن ولاية ميشيغان الأمريكية، والتى تقع فى مقاطعة وين، بالقرب من نهر ديترويت، وتأسست عام 1701 بواسطة التجار الفرنسيين، حول تعرض أصحاب البشرة السوداء للاضطهاد والمعاناة من أفراد الشرطة، القصة الحقيقية لرجال شرطة عنصريين يقومون باحتجاز 10 رجال من ذوى البشرة السوداء، وبينهم فتاتان من ذوات البشرة البيضاء خلال أحداث الشغب التى وقعت فى ديترويت عام 1967.
بداية من الفيلم وحتى نهايته، يتابع المشاهد كيف اندلعت أحداث الشغب وأدت إلى ثورة وانتفاضة أصحاب البشرة السوداء، جراء النظرة المتعالية والعنصرية من أصحاب البشرة البيضاء، وتحديدًا رجال الشرطة "الفاسدون"، وكيف تلاعب هؤلاء الفاسدون بالقانون حتى لا تتم إدانتهم بالقتل العشوائى والعدوانية المفرطة لمن يرون أنهم أقل شأنا.
ومن بين الأحداث التى يتناولها فيلم Detroit للمخرجة كاثرين بيجلو ما حدث فى فندق Algiers، حيث يخصص له المساحة الأكبر من الفيلم، مستعرضًا بداية الأحداث، وتطورها، وارتفاع حالة الصراع، والظلم والقهر، والقتل، وحتى أبواب القضاء، وكيف تمكن ثلاثة رجال من ضباط الشرطة الفرار من جرائم القتل التى قاموا بارتكابها.
وفى الفيلم المبنى على شهادات حية لمن عايشوا وقائع أحداث الشغب فى Detroit، وتحديدًا نجوم فرقة The Dramatics العالمية، التى كانت أفرادها يشقون طريقهم بين المسارح، ليحصلوا على توقيع عقد مع شركة تسجيلات موتاون، مثلهم كنجوم عاشوا فى هذه المدينة، مثل النجم الراحل والناشط الحقوقى وملك البوب مايكل جاكسون (29 أغسطس 1985 – 25 يونيو 2009).
إن ما قامت به مجلة ناشونال جيوغرافيك الأمريكية، واعترافها بممارسة العنصرية ضد أصحاب البشرة السوداء، وسعيها لتصحيح ماضيها، خطوة تحسب لها، لكنها تذكرنا بالرسالة التى يحملها فيلم Detroit وهى أن ما حدث ما كان ينبغى أن يحدث، ولا ينبغى أن يحدث مجددًا، ليترك خلفه أشخاصًا مدمرين على كافة المستويات.
فعلى الرغم من أن رجال الشرطة الثلاثة قد حصلوا على حكم بالبراءة من التهم الجنائية، وعدم عودتهم لممارسة الخدمة مجددًا، وأن إحدى العائلات قامت بمقاضاة مدينة Detroit على القتل الخطأ كجزء من التسوية إلا أن المدينة لم تعترف بالذنب، وعلى الرغم من فرقة The Dramatics تسلقوا سلم المجد والشهرة، إلا أن صديقهم "لارى كليفلاند ريد" الذى كان يمثل درة العقد بالنسبة لهم فى نجاحهم، إلا أنه لم ينضم إلى الفرقة بعدما حصل الضباط الثلاثة على حكم بالبراءة، ولا يزال يعيش حتى يومنا هذا فى Detroit ويغنى فى جوقة الكنسية كما رغب فى ذلك.