اختارت وزارة الخارجية طريقة جديدة للاحتفال بيوم الدبلوماسية المصرية الذى يوافق 15 مارس من كل عام، بإطلاق حملة «كلنا سفراء لمصر»، فى لفتة من الوزارة والوزير سامح شكرى تستحق الإشادة، كونها تؤكد وترسخ لمبدأ مهم وهو أن تمثيل مصر فى الخارج أكثر من مجرد مهنة، فهو «مسؤولية مشتركة وحب أصيل للوطن ورغبة صادقة فى التعبير عن وجهه الحضارى والدفاع عن مصالح أبنائه»، كما وصفها المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الوزارة، فى أحد تغريداته على موقع التواصل الأجتماعى «تويتر».
فى البداية علينا أن نعرف لماذا تم اختيار 15 مارس ليكون يوم الدبلوماسية المصرية، فهذا اليوم يوافق ذكرى عودة عمل وزارة الخارجية بعد إعلان الاستقلال عن بريطانيا فى 22 فبراير 1922، وذلك إثر إلغائها لمدة 7 سنوات بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر عام 1914 وتحويل اختصاصاتها للمندوب السامى البريطانى، ففى 15 مارس 1922 أبلغت الحكومة البريطانية الدول التى كان لها ممثلون فى القاهرة بأن الحكومة المصرية قد «أصبحت الآن حرة فى إعادة وزارة الخارجية، ومن ثم فإن لها إقامة تمثيل دبلوماسى وقنصلى فى الخارج».
شىء جميل أن تختار الخارجية هذا اليوم لتسليط الضوء على القوة الناعمة المصرية، خاصة الفن المصرى، وتحديدا السينما والموسيقى اللذين يشكلان معا تراثا عظيما من دعائم القوة الناعمة المصرية، مع نشر لأبرز أعمال نجوم السينما المصرية التى احتلت خلال مائة عام فى القرن العشرين المرتبة العاشرة على الصعيد العالمى، وشهدت إنتاج أكثر من ثلاثة آلاف فيلم روائى طويل، وقد نجحت الحملة فى أن تغزو مواقع التواصل الأجتماعى فى أيام قليلة، واستطاعت أن تعرف العالم بعناصر القوة الناعمة المصرية، وتدعيم سبل نشر رسالة مصر الحضارية والإنسانية، وأن تبرز ما تحظى به مصر من ثراء وتعدد فى روافد الإبداع الإنسانى بما يجعلها بحق مركز الإشعاع الثقافى والفنى والفكرى فى المنطقة العربية وما ورائها، والجميل فى هذه الحملة هو التفاعل من جانب السفارات المصرية بالخارج باستضافة العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والمعارض الأثرية، والعمل على تسهيل الجولات والزيارات التى تقوم بها الوفود الثقافية والفنية لمختلف الدول، وكذا عند الاحتفاء بأى من الشخصيات المصرية البارزة فى شتى المجالات.
الحملة التى استمرت ثلاثة أيام، اعتمدت على أن القوة الناعمة هى مفهوم يرتكز على تفعيل أدوات القوة غير المادية من أجل تعزيز تأثير الدولة على الساحة العالمية، وتشمل تلك الأدوات أبعادا مختلفة منها العمق الحضارى والتاريخى، والإنتاج العلمى، بالإضافة إلى التأثير الثقافى والفنى من خلال السينما والمسرح والأدب والموسيقى والفنون التشكيلية، واختارت فى اليوم الأول التركيز على التاريخ المصرى والمرأة المصرية باعتبار أن المكون الحضارى والتاريخى يمثل عنصر جذب دائم ومستمر من خلال الاهتمام العالمى بعلم المصريات، وباعتبار أن المرأة قد ساهمت بقوة فى مسيرة الحضارة المصرية منذ العصور القديمة وحتى اليوم، ويشمل هذا الجزء أيضا نبذة عن الدور التاريخى للمؤسسات الدينية المصرية ممثلة فى كل من الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، كما تناولت فى اليوم الثانى المحور الخاص بالفن المصرى وتحديدا السينما والموسيقى اللذين يشكلان معا جوهر الوجدان المصرى، ويمتد تأثيرهما إلى المحيط العربى والشرق أوسطى، فيما خصصت اليوم الثالث للشخصيات التاريخية المؤثرة والنماذج المتميزة فى المجال الرياضى باعتبارهم مصدر فخر وإلهام للمستقبل.
هذه الحملة هى جهد مطلوب أن يتكرر فى كل المناسبات، ولا تقتصر فقط على يوم الدبلوماسية، لأن مصر زاخرة بكل عناصر القوة الناعمة، لكنها بحاجة إلى حملة ترويج جيدة فى الخارج وليس الداخل، لأن مردودها سيكون إيجابياً تحديداً على التدفقات السياحية إلى مصر، ويكفى هنا أن أشير إلى أن أقامة المعارض المصرية فى الخارج مثل معرض توت غنخ أمون غيره كان يحقق لمصر مكاسب عدة، منها المادى وكثير منه المعنوى، وهو ما نحتاجه الآن، وللعلم نحن لدينا الكثير، لدينا محمد صلاح الذى تحول إلى أيقونة مصرية تتلألأ كل يوم فى الملاعب الأوروبية، ولدينا نور الشربينى وغيرهم من نجوم الرياضة المصرية، كما أن أم كلثوم لا يزال صوتها مسموعاً فى كل عواصم العالم، ولدينا غيرهم الكثير، لكن المهم كيف نستفيد مما لدينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة