«حبيبة» التى أقصدها ليست حبيبتى التى اختصنى الله بحبها، ولا هى حبيبتك، إنها الطفلة «حبيبة» التى حصلت على حضن دافئ لا مثيل له، حضن كله حنية وعطف وأبوة، حضن لن تنساه «حبيبة» ما حيت، ستحكى لزملائها فى الفصل، اليوم وغدًا وكل يوم، عن هذا الحضن الحانى الذى مسح كل دموعها، وأزال المخاوف من عقلها الصغير.. حضن بث الأمن والأمان فى أوصالها.. حضن ستحكى عنه يومًا لابن الحلال الذى يأتى يطلب يدها يوم أن تصير عروسة ثم زوجة.. ستحكى عنه لأطفالها يوم تصير أمًا، وتحضنهم نفس الحضن الحانى الذى حضنه لها بابا عبدالفتاح السيسى.
الطفلة «حبيبة»، ابنة الشهيد البطل العقيد أركان حرب أحمد محمود شعبان، الذى استشهد مع المئات الذين سقطوا دفاعًا عن هذا الوطن، وإذا كانت قد فقدت حضن الأب، ولا سبيل لتعويضه بكل كنوز الدنيا، فقد منّ الله عليها بمن يربت على كتفها الصغير، الرئيس الأب الإنسان، الذى يدرك ويعى ماذا قدّم الشهيد، أى شهيد، إنه قدّم روحه ودمه عن طيب خاطر لكى يحيا هذا الوطن، ولكى يستمر وطنًا، ولا يتحول إلى بقايا دولة ونتحول إلى لاجئين.. ذهب والد «حبيبة» للشهادة، وهو على يقين أن الله لن ينسى «حبيبة»، بل وجنّد لها رأس الدولة المصرية لكى يرفعها بيديه الحانيتين إلى صدره، ويضمها ضمة أب، ويربت على كتفها، ويمسح دمعتها، ولأن الأطفال ملائكة، يستشعرون صدق المشاعر، رمت حبيبة نفسها فى أحضان الرئيس، وخبأت رأسها الصغير بين كتفيه، وتعلقت برقبته.
منذ أن جاء رئيسًا وهو يستشعر آلام الكبير والصغير، ويعرف للكبير حقه، يجرى لرجل مسن ويسعى إليه، حتى لا يصعد السلم، يذهب إليه ويقبل رأسه، يستمع إلى شكاوى البسطاء برحابة صدر وطول بال، ويمنع ضباط المراسم من الاقتراب ممن « يتعشمون» فى كرمه، يجبر خاطرهم، الرجل يرى أنه أخ وابن لهؤلاء قبل أن يكون رئيسًا لهم، يستمع للشكوى مهما طالت، ويعطى الأوامر بالمتابعة والتنفيذ.
نعود إلى الحبيبة «حبيبة» التى جلست على كرسى الرئيس، وزال عنها وجلها، فهى تجلس آمنة بجانب رئيس الجمهورية الذى تخشاه دول وجماعات الإرهاب، ويقود أحد أهم عشرة جيوش على وجه الأرض، شجّع الأمر الطفل الجميل «عمر»، ابن أحد شهداء القوات المسلحة، أن يذهب هو الآخر ليجلس على «حجر» الرئيس الأب، أنا أيضًا ابن شهيد.
كان من الممكن أن يكتفى الرئيس بأن يربت على رأس «عمر» و«حبيبة»، وسوف تشكره الدنيا على هذا التواضع، ولكن ما يهمه أكثر هو جبر خاطر «حبيبة» و«عمر»، ومزح مع العقيد «ياسر» عريف الحفل خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، التى عقدت الخميس الماضى فى مركز المنارة للمؤتمرات تحت عنوان «يوم الشهيد»، عندما استأذن الرئيس فى الاستراحة، وذلك من أجل أن يستمتع «عمر» و«حبيبة» بهذه الجلسة «الرئاسية»، لم يفوّت «السيسى» الفرصة، وقال وهو يرفع الطفلين على ركبتيه «إن أولاد الأبطال لهم فى رقبتنا كل خير وأمن وسلام».
ووعد الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن يصلى العيد المقبل بإذن الله مع هؤلاء الأطفال وأسر الأبطال الشهداء، ثم اصطحب الطفلين «حبيبة» و«عمر» معه وغادروا القاعة إلى قاعة جانبية، وراح يقدم لهما الحلوى، ويلتقط الصور التذكارية معهما.
ما فعله الرئيس السيسى مع هذين الطفلين صنعه أيضًا مع غيرهما من كل أطفال أبناء الشهداء تقريبًا، فهو يدرك ويعى ماذا تعنى مسحة يده على رأس ابن الشهيد، وماذا تعنى أن يربت بيده على ظهر والد فقد ابنه، أو يضع قبلة على رأس أم ثكلى فقدت «ضناها»، وهو يؤدى أشرف وأقدس مهمة.. الدفاع عن الوطن ضد خوارج العصر.
يوم الندوة التثقيفية للقوات المسلحة لم يكن يومًا عاديًا بالنسبة لى، ولا بالنسبة لكل من كان يجلس على يمينى ويسارى، وأكثرهم قادة عظام فى جيش مصر لم أستطع، ولم يستطيعوا حبس دموعهم ونحن نستمع إلى شهادات عن الشهداء الذين سعوا إلى الشهادة، لم يترددوا ولم يجفلوا.. حكايات يقشعر لها البدن، وتصغر أمامها تضحياتنا فى الجبهة الداخلية، شهيد يوصى أمه وهى تؤدى الحج أن تدعو له أن ينال الشهادة، ولأنها أم دعت له بالشهادة «بعد عمر طويل»، ويلح الشهيد ويرسل لأمه رسائل على «الواتس» يذكرها بالدعوة، وآخر يخبئ عن أمه أنه يخدم فى سيناء، وثالث يقطع الإجازة ليذهب لنجدة زملائه الذين تعرضوا للهجوم فلا يعود، ورابع يودع أمه وأهله، وكأنه على يقين بأن الشهادة آتية لا محالة، وعشرات ومئات بل آلاف من الحكايات الطاهرة النقية التى جعلت رائحة المكان زكية بسيرة هؤلاء الشهداء الأبرار.
بكيت كثيرًا، ولكنه بكاء أشبه ببكاء التطهر من الذنوب، وتمنيت أن أعود للخدمة فى القوات المسلحة، تمامًا كما تمنى والد أحد الشهداء أن يتطوع فى الجيش، ولكن أم أحد الشهداء كانت أذكى منى ومنه، وبعد أن سلمت على الرئيس استأذنته لكى توجه كلمة للمصريين، فماذا قالت؟
قالت: «أنا لست هنا لكى أتحدث عن ابنى اللى ربيته وأحسنت تربيته، واستشهد فى سبيل هذا الوطن، ولكن ما أطلبه ألا تضيعوا دمه هدرًا.. انزلوا إلى صناديق الانتخابات، وقولوا للإرهابيين الذين استشهد ابنى وهو يقاتلهم إن مصر تقف صفًا واحدًا خلف الرئيس فى الحرب على الإرهاب، ووصلوا صوتكم للعالم».
خلص الكلام بعد كلام أم الشهيد.
عدد الردود 0
بواسطة:
سيساوي حتي النخاع
عند زكر الصالحين تتنزل الرحمات فما بالنا بزكر الشهداء
رحم الله شهدائنا والحقنا بهم فى الفردوس اﻻعلى مع رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ووفق رئيسنا الى ما يحب ويرضى فعﻻ تصرفات طبيعيه ﻻتكليف وﻻمصطنعه رجل طيب ربنا يزيده ويستره دنيا واخره زى ما ستر بلدنا واهلينا
عدد الردود 0
بواسطة:
Lolo
Lolo
بنحبك يا ريس