«الذكريات» هى الكلمة الأهم فى فيلم الرسوم المتحركة «كوكو» الذى حصل على جائزة الأوسكار هذا العام، وهو يستحق ذلك وأكثر لما يحتويه من فن ومعانٍ ودلالات تهدف جميعا لمخاطبة الإنسان الذى فى داخلنا.
يحكى الفيلم قصة عائلة مكسيكية توارثت صناعة الأحذية بديلا عن صناعة الموسيقى حتى الحفيد الرابع الطفل «ميغيل» الذى ولد شغوفا بتتبع سيرة موسيقار عظيم يدعى «إيرنستو دى لا كروز» الذى أقامت له البلاد متحفا كبيرا تحتفل به فى «يوم الموتى».
الفيلم يكشف الكثير من تفاصيل الحياة التى نعيشها، يقول لنا لا تصدقوا الجمل الرنانة التى رددها البعض بل افحصوها جيدا، فالفنان «دى لا كروز» كان شعاره فى الحياة جملة خطيرة تقول «اقتنص فرصتك» حتى أن مصممى تمثاله نقشوها على قاعدة التمثال على أنها حكمة خالدة، لكننا نكتشف بعد ذلك أن الواجب أن تقتنص فرصتك فى شرف لا أن ترتكب جريمة قتل فى سبيل أهدافك.
فى عيد الموتى يحاول ميغيل أن يسرق جيتار الفنان «إيرنستو دى لا كروز» من متحفه، لذا يجد نفسه قد انتقل فجأة إلى مدينة الموتى، وهناك يلتقى «هيكتور» الرجل الميت الذى لا يستطيع أن يحتفل بيوم الموتى، لأن الأحياء لا يتذكرونه ولا يعلقون صورته على «المذبح»، وبالتالى فإن الوقت يهدد «هيكتور» حتى أنه صار فى طريقه إلى «التبخر والنسيان»، لذا هو يحارب كثيرا من أجل أن يرسل صورته إلى ابنته «كوكو» العجوز جدة ميغيل كى تتذكره وتغنى معه «اذكرينى».
الموسيقى هى البطل الرئيسى، كما أن طريقة نظر الفيلم إليها به شىء من القداسة، فعندما يعزف الجيتار يبدأ الربط الحميم بين الأحياء والموتى وتبدأ الأزمات فى التسرب من الطرق الجانبية.
ويمكن القول، إن هذا الفيلم مصنوع على «نار هادئة» كما يقولون، فقد احتاج إلى نحو 6 سنوات للانتهاء منه، لذا كل شىء تم على مهل بإبداع كامل ووضوح شاعرى، حيث احتفى الفيلم بالعائلة من خلال مواقف جميلة تدل على أن الحب الذى يسرى بين أفراد الأسرة هو الملجأ الحقيقى لتحدى كل الأشياء غير الجميلة، بينما تظل «كوكو» الجدة اللطيفة تقاوم النسيان وتحتفظ بكل رسائل والدها وتمثل «بركة» الفيلم وتحمل روحه الجميلة.
أما عن نفسى فقد فتننى التجسيد المميز لشخصية الفنانة التشكيلية فريدا كاهلو، والذى يعنى أن المثقفين والفنانين يحتلون بكل ثقة جانبا مهما من تاريخ الشعوب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة