عبد الفتاح عبد المنعم

كيف تحولت أمريكا إلى وسيط غير نزيه تجاه القضية الفلسطينية منذ 48؟

الثلاثاء، 20 مارس 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، فى واحدة من تحليلاتها الرائعة، وضعت وكالة «إيفمبريت» دراسة خطيرة عن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بإسرئيل وهى العلاقة التى تسببت فى فرملة أى مشروع تنموى وديمقراطى حقيقى فى المنطقة، تقول الدراسة: تلتزم الولايات المتحدة تجاه إسرائيل بكامل الضمانات، وتقدم لها الدعم بكل أشكاله منذ قيامها وحتى يومنا هذا، وبغض النظر عن الحزب الحاكم جمهورى كان أم ديمقراطيا، فى المقابل، تتنصل الولايات المتحدة من التزاماتها تجاه حفظ وحماية الحقوق الفلسطينية، حتى التى قطعتها على نفسها، واعترف بها المجتمع الدولى، مثل قرارات الأمم المتحدة وغيرها بشأن القضية الفلسطينية، فالإدارة الأمريكية تعمل منذ عقود على إدارة للصراع، وليس حله بشكل جذرى، وذلك بهدف منح إسرائيل مزيدًا من الوقت لفرض واقع جديد على الأرض، ولا تسعى جديًا للتوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، حتى أن كل إدارة أمريكية جديدة تعلن نيتها التوصل إلى تسوية سياسية، لكن دون أى ضغط على «إسرائيل»، بل تظهر انحيازا واضحا للموقف الإسرائيلى، وذلك لسببين هما: نفوذ اللوبى الصهيونى فى الولايات المتحدة من جهة، والمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط من جهة أخرى،  وبالتالى يمكن القول: إن التجربة العملية وعلى مدار عقود أثبتت أن الولايات المتحدة وسيط غير نزيه تجاه عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، وأن الدول العربية عمومًا لم يجيدوا التعامل مع السياسية الأمريكية تجاه القضايا العربية، وتحديدًا القضية الفلسطينية، وعليه من الضرورى أن تتوقف القيادة الفلسطينية عن الارتهان للرؤية الأمريكية لعملية السلام، وأن تبدأ تدريجيًا بمد جسر العلاقات مع أقطاب دولية أخرى؛ كروسيا والصين.
 
كما نرى بضرورة تشكيل لوبى عربى عبر تنسيق المواقف والجهود العربية وتغليب المصالح العربية المشتركة، بهدف الاستفادة من عناصر القوة التى نمتلكها، وإعادة النظر فى المبادرة العربية للسلام، مع التركيز على إعادة القضية الفلسطينية لحضن المجتمع الدولى والأمم المتحدة، بحيث يمكن الضغط على الإدارة الأمريكية داخليًا وخارجيًا، والتأثير على المصالح الأمريكية, فالولايات المتحدة لا ترى سوى مصالحها، عبر فرض الهيمنة ونهب مقدرات الشعوب، حتى وإن بررتها بمسميات نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 
وينقلنا الكاتب أشرف شتيوى إلى نقطة أخرى فى دراسة له نشرت منذ عدة سنوات فى دورية «ساسة بوست» وحملت عنوان «سر الانحياز اللامحدود لإسرائيل من قبل أمريكا»، وفيها يقول: «هناك عدة تفسيرات لهذا الدعم غير العادى وغير المشروط الذى تقدمه دولة كبيرة كالولايات المتحدة لـ«إسرائيل»، يمكن إجمالها فى أربعة أسباب رئيسة: سيكولوجية، وعقائدية، وسياسية، وإستراتيجية.
 
لا شك أن الغرب عمومًا خاصة أوروبا تشاطر أمريكا دعمها لـ«إسرائيل» لأسباب متعددة، سنعرضها بتفصيل، وتزيد عليها بإحساسها المفرط بعقدة الذنب وتأنيب الضمير الناتجة عمّا تعرض له اليهود على أراضيها خلال الحرب العالمية الثانية من محارق، تم تضخيمها إعلاميًّا بشكل كبير لابتزاز أوروبا واستدرار تعاطفها، وهى الخارجة لتوها من الحرب ممزقة الضمير، مثقلة بالندم، وقد عملت وسائل الإعلام على ترسيخ هذا الشعور فى الوعى الجمعى للأوروبيين حتى صار من أكبر أساطير هذا القرن، وقد يكفى أن نعلم أن مؤتمر إيباك لهذا العام عزف على نفس الوتر، لإنعاش الذاكرة الغربية التى شوشت عليها صور الهمجية الصهيونية فى مجازر غزة وقانا، برفع شعار «إسرائيل: أخبرى القصة»، فدائما استعمل الهولكوست ومعاداة السامية فى كل المحافل كفزاعة تاريخية وقانونية لقمع كل من تسول له نفسه التشكيك فى المحرقة حجمًا ورقما، ووسيلة للابتزاز الأخلاقى والعاطفى.
 
وأوضح الكاتب أنه على الرغم من أن الدستور الأمريكى يعتبر نظام الحكم فى الولايات المتحدة نظامًا «علمانيا» لا يتبنى دينًا معينًا فى الدولة أو الحكومة بحكم التنوع العرقى والدينى وحتى الطائفى والمذهبى، إلا أنه من المعلوم أن الشعب الأمريكى فى معظمه شعب بروتستانى متدين يشترك فى خلفيته الدينية إلى حد بعيد مع العقيدة اليهودية التلمودية، ويلعب الدين دورًا أساسيًّا فى الحياة السياسية، وقد تفاقم هذا الدور مع وصول المحافظين الجدد إلى السلطة وهو عامل أساس ومحدد فى العلاقة مع الصهاينة، وهذا ما نستشفه من تصريحات الرؤساء الأمريكيين. فمثلا: الرئيس «جيمى كارتر» أعلن صراحةً فى خطاب له أمام الكنيست سنة 1979م أن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل هى علاقة دينية فى الأساس، وكان مما قاله: «إن علاقة أمريكا بإسرائيل أكثر من علاقة خاصة، لقد كانت ولا تزال علاقة فريدة، وهى علاقة لا يمكن تقويضها، لأنها متأصَّلة فى وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأمريكى»، وكذلك حين قام «رونالد ريجان» بزيارة المنظمة اليهودية أثناء حملته الانتخابية، «بناى برث» فى واشنطن خطب قائلًا: «إن إسرائيل ليست أمة فقط، بل هى رمز، ففى دفاعنا عن حق إسرائيل فى الوجود، إنما ندافع عن ذات القيم التى بُنيت على أساسها أمتنا».. «يتبع».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة