إعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، انعقاد القمة العربية التاسعة والعشرين فى الرياض بالمملكة العربية السعودية يوم الأحد 15 إبريل المقبل، لا ينهى الجدل حول الأزمة الكبرى التى تواجه عقد القمة، والمتمثل فى مشاركة إمارة قطر باعتبارها عضو فى جامعة الدول العربية.
نظرياً فإنه من الصعب تصور أن ترسل المملكة العربية السعودية مندوباً إلى قطر لتسليم دعوة القمة لأميرها تميم بن حمد، لأن الرياض أعلنت فى الخامس من يونيو 2017 قطع جميع العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع الدوحة ضمن الإجراءات التى اتخذها الرباعى العربى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين» ضد تنظيم الحمدين الذى يحكم قطر حالياً، وحتى إن تم التوصل إلى اتفاق بأن يتم توجيه الدعوة بشكل مختلف عما هو معتاد عليه فى القمم العربية السابقة، فإن مسألة وجود وفد قطرى فى القمة ربما يتم تفسيره بشكل خاطئ على أنه نهاية للأزمة القطرية.
الحضور القطرى للقمة أمر مطروح بقوة للنقاش حالياً فى عدد من العواصم العربية الرئيسية، وهناك مشاورات تتم من أجل التوصل إلى صيغ تؤمن نجاح القمة، وفى نفس الوقت لا تعطى لقطر الفرصة لكى تستخدم القمة كمبرر لإنهاء أزمتها مع الرباعى العربى، خاصة أن كل المؤشرات تقول إن تميم بن حمد سيشارك بنفسه فى القمة أيا كان شكل الدعوة، سواء وجهتها المملكة مباشرة أو عبر وسيط قد تكون الكويت، أو من خلال وفد من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، فتميم يفكر فى إحراج قادة السعودية من خلال الحضور، منتظراً شكل الاستقبال، فإذا كان فى استقباله الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما جرت العادة فى القمم العربية بأن يتولى رئيس أو ملك أو أمير الدولة المستضيفة، استقبال الضيوف فى المطارات فإنه سيستغل الاستقبال بكل الطرق لصالحه، أما إذا كان الاستقبال مختلفاً عن بقية القادة العرب فسيروج لفكرة أنه مضطهد، وأنه محاصر، وهى الفكرة التى يعمد على الترويج لها فى الإعلام الغربى طيلة الأشهر الماضية.
أعتقد أن السعودية حينما أخطرت الأمانة العامة للجامعة العربية بموعد عقد القمة، لديها تصورا للخروج من الأزمة القطرية، ومن ضمن هذه التصورات أن تتولى الكويت على سبيل المثال إبلاغ الدعوة للدوحة، مع الطلب من تميم ألا يحضر، وأن يبعث مندوبا عنه، لرفع الحرج عن الجميع، على أن تقتصر القمة على يوم واحد، وهو 15 إبريل، تعقد فيه جلسة افتتاحية تشمل كلمة للأمين العام للجامعة العربية لتقييم العمل العربى المشترك، ثم كلمة من الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبعدها يتم عقد جلسة ختامية قصيرة، على ألا يتم ذكر الأزمة القطرية فى أى من الكلمات، فى سيناريو شبيه للقمة الخليجية التى عقدت مؤخراً فى الكويت، وكادت ألا تعقد بسبب الوجود القطرى، لكن الكويت صممت على عقدها حفاظاً على دورية عقد القمة الخليجية، وتم الاتفاق وقتها على جلسة افتتاحية لم تتجاوز النصف ساعة، وأخرى ختامية بنفس التوقيت.
لكن هناك من يتحدث عن أهمية أن تأخذ القمة وقتاً للنقاش، خاصة أن القضايا العربية أصبحت ملحة وفى حاجة لقرارات رئاسية قوية، وأن الأزمة القطرية لا يجب أن تكون سببا فى ألا تخرج القمة بقرارات ينتظرها العرب، خاصة مسألة الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل وبدء خطوات نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إليها؛ والوضع فى عفرين بعد التدخل التركى السافر داخل الأراضى السورية، ووضع العراق بعد طرد تنظيم «داعش» من أراضيه، والأزمتين الليبية واليمنية، إضافة إلى ملف «التدخل الإيرانى» فى شؤون الدول العربية، فكل هذه القضايا تستدعى تدخلاً من القادة لحسمها.
نحن إذن أمام أزمة، وسيناريوهات مطروحة للنقاش، لكن هناك من يرى أنه قد نصل فى النهاية لسيناريو مختلف تماماً، خاصة فى ظل استمرار المساعى الكويتية الأمريكية للتوصل إلى حل، خاصة أن واشنطن تسعى لعقد القمة الخليجية الأمريكية فى منتجع كامب ديفيد فى مايو المقبل، وهى القمة المعلقة بشرط حل الأزمة القطرية، وأن تعلن الدوحة تجاوبها مع مطالب الرباعى العربى المشروعة، والتى تهدف إلى الحفاظ على الأمن القومى العربى والإقليمى من التدخلات القطرية، وأموالها الداعمة للإرهاب.
لا أحد حتى الآن يملك أى سيناريو قابل للتطبيق، لذلك فالجميع ينتظر ليروا ماذا ستفعل الرياض للخروج بالقمة العربية إلى بر الأمان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة