سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 مارس 1970..«الأهرام» تنشر خبر عملية تدمير «الحفار» فى أبيدجان دون الكشف عن تنفيذها من المخابرات والضفادع البشرية المصرية

الجمعة، 23 مارس 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 مارس 1970..«الأهرام» تنشر خبر عملية تدمير «الحفار» فى أبيدجان دون الكشف عن تنفيذها من المخابرات والضفادع البشرية المصرية الحفار كينتنج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الساعة الخامسة من صباح يوم 8 مارس عام 1970 وقعت أربعة انفجارات فى ميناء «أبيدجان» بساحل العاج، واستمع مصريون إليها، وهم عناصر للمخابرات المصرية والضفادع البشرية التابعة للقوات البحرية، كانوا موجودين لتنفيذ مهمة تفجير الحفار الذى استأجرته إسرائيل للتنقيب عن البترول فى مياه خليج السويس خلال احتلالها سيناء بعد نكسة 5 يونيو 1967. وحسب أمين هويدى، رئيس جهاز المخابرات المصرية وقتئذ، فى كتابه «أضواء على النكسة وحرب الاستنزاف» عن «دار الطليعة، بيروت»: استأجرت إسرائيل الحفار «كينتنج» لهذه المهمة، وكان إنجليزيًا، اشترته شركة أمريكية كندية سجلت نفسها فى «دنفر» بالولايات المتحدة الأمريكية، يجره جرار هولندى، وكان بذلك حفارًا دوليًا،وفى المقابل صممت مصر على عدم تنفيذ هذا المخطط بأى شكل، وأعطى الرئيس جمال عبدالناصر تعليماته بذلك، وبدأت المخابرات فى التخطيط، وتولى ضابطها الشهير محمد نسيم قيادة العملية، واسمها الكودى «الحاج»، «راجع: ذات يوم 16 فبراير 2018».
 
يؤكد «هويدى» أن الأبطال المصريين سمعوا صوت الانفجارات من بعيد، وكأنها أصوات أنغام، وعادت مجموعة إلى القاهرة عن طريق باريس، وعادت أخرى عن طريق «أكرا» عاصمة غانا، وبقى قائد العملية محمد نسيم، ويؤكد «هويدى»: «كان أول من وصل إلى الحفار ليلتقط بعض الصور الفوتوغرافية».
أنعم الرئيس عبدالناصر على أبطال العملية بالنياشين، وحسب «هويدى» أذاعت وكالة «فرانس بيرس» نبأ ضرب الحفار فى سطور قليلة، وفُرض على النبأ حظر شديد حتى لا يتداول، واللافت أنه رغم عظمة العملية، فإن وسائل الإعلام المصرية لم تقترب منها إلا بعد فترة، وقدمتها نقلًا عن مصادر أجنبية دون الإشارة إلى دور مصر من بعيد أو قريب، ففى يوم الاثنين 23 مارس «مثل هذا اليوم» عام 1970 نشرت «الأهرام» الخبر التالى:
 
«أول أنباء من أبيدجان عن نسف الحفار.. عدة انفجارات وقعت على ظهر الحفار، وأصيب بأعطاب شديدة»، وفى التفاصيل: «خرجت من أبيدجان أمس الأول أنباء عن حادث نسف الحفار الذى استقدمته إسرائيل للبحث عن البترول فى خليج السويس قرب شاطئ سيناء، وقالت هذه الأنباء التى نقلتها الوكالة الفرنسية عن الدوائر الوثيقة الاطلاع فى عاصمة ساحل العاج، إن محاولة تخريب الحفار حدثت يوم 18 مارس- يؤكد هويدى أن العملية وقعت يوم 8 مارس- حيث وقعت على ظهره عدة انفجارات أحدثت به أعطابًا ظاهرة، وعلى الأخص فى القاعدة والبرج، وهذه أول مرة تذاع فيها أنباء عن تلك العملية التى وقعت منذ أربعة أيام، وظلت طوال الوقت سرًا إلى أن نشرتها الصحف البريطانية، نقلًا عن الأنباء التى تسربت من ساحل العاج، ووصلت إلى باريس، ثم نقلت إلى لندن، وأضافت برقية للوكالة الفرنسية أن سلطات البوليس فى ساحل العاج بدأت تحقيقًا لمعرفة أسباب الانفجارات، ولكن حتى أمس «22 مارس» لم يلق القبض على أحد».
 
وأضافت «الأهرام»: «قالت الصحف البريطانية إن الحفار أصيب بأعطاب شديدة، خاصة فى برجه الرئيسى، وعلم أيضًا أن القاطرة الهولندية التى تجر الحفار منذ خروجه من أحد الموانئ الكندية، وفى الأغلب ميناء أوتاوا بكندا قد سحبته منذ أيام قليلة إلى أحد الموانئ الأفريقية التى يوجد فيها حوض جاف كبير لبدء محاولات إصلاح الحفار».      
 
يذكر «هويدى» أن «الأهرام» عادت وتحدثت فى الموضوع يوم 5 يونيو 1970 ، وكتبت تحت عنوان «الشركة الكندية تلغى عقدها مع إسرائيل للبحث عن البترول فى خليج السويس»، وقالت: «الشركة كينتنج للبترول أعلنت رسميًا إلغاء مشروع استخدام حفار البترول البحرى التابع لها للتنقيب عن البترول فى خليج السويس، وهذا الحفار نسف فى ميناء أبيدجان فى مارس الماضى، وقالت الصحف البريطانية وقتها إن الكوماندوز المصريين هم الذين نفذوا وقاموا بالعملية، ووصفوها بأنها كانت قاصمة لمشروعات إسرائيل فى خليج السويس».
 
وأضاف «الأهرام»: «كانت الأنباء تسربت فى نوفمبر الماضى 1969 حول منح إسرائيل للشركة الكندية كينتنج للبترول عقدًا بنصف مليون دولار للتنقيب عن البترول فى خليج السويس، وعلم بعد ذلك أن شركتين أخريين دخلتا فى العملية، وهما شركة كينتنج الأمريكية وميدبار أحد فروع كينتنج المسجلة فى بريطانيا».
 
وقالت «الأهرام» أن مصر أبلغت حكومات هذه الدول بأنها تحملها مسؤولية قانونية وسياسية لسماحها بالقيام بأعمال تنقيب عن البترول فى خليج السويس. وأضافت الأهرام: «بعد ذلك فرض حظر شديد فى وكالات الأنباء العالمية حتى لا يتداول الموضوع، إذ كانت كرامة أكثر من دولة دفنت هناك بعيدًا فى المحيط».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة