صور.. أم المكفوفين بأسوان "فاقد الشىء يعطيه".. وفاء حاربت الظلام وتعلمت القراءة والكتابة بعد الأربعين.. وتؤكد: والدى رفض تعليمى وشعورى بأننى عبئا دفعنى لتحدى ظروفى.. وقررت تأسيس جمعية لتعليم الكفيفات

الجمعة، 23 مارس 2018 05:30 م
صور.. أم المكفوفين بأسوان "فاقد الشىء يعطيه".. وفاء حاربت الظلام وتعلمت القراءة والكتابة بعد الأربعين.. وتؤكد: والدى رفض تعليمى وشعورى بأننى عبئا دفعنى لتحدى ظروفى.. وقررت تأسيس جمعية لتعليم الكفيفات
أسوان ندى سليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طيلة 40 عاما قضتها "وفاء" بين الظلام ليس فقط ظلام الرؤية بل ظلام العلم والقراءة، بل حرمت خلال هذا العمر من الاختلاط مع الآخرين، كانت تعلم جيدا أن عدم قدرتها على الإبصار ليس عائقا حتى تعيش حياتها وتتعلم وتعمل وتصبح أم وزوجة لكن من حولها حرمها من المحاولات أن تعيش كفتاة طبيعية مثلما حلمت.

أم المكفوفين بأسوان فاقد الشىء يعطيه (3)

"وفاء" لم توفق فى بناء أسرة من زوج وأطفال لكنها قررت أن تعوض ذلك بأن تكون "أم للمكفوفين" داخل قريتها ثم امتد نشاطها إلى محافظة أسوان بالكامل، أخذت على عاتقها تحقيق طموح أى سيدة أو طفل حرم من نعمة البصر لكنه يريد أن يعيش حياة طبيعية، وتمكنت فى خلال عدة سنوات أن تغير مقولة " فاقد الشيء لا يعطيه"، فنموذج " وفاء" التى حرمت من كل الحقوق استطاعت أن تعطيها لكل شخص مر بنفس ظروفها الصحية.

 

تروى "وفاء عبد النعيم" رئيس جمعية المكفوفين بمحافظة أسوان، لليوم السابع عن معانتها وكيف أصبحت أم لجميع المكفوفين بالمحافظة، قائلة: ولدت وأنا كفيفة وحرمت من نعمة الإبصار منذ ولادتى، كانت أمنياتى اعرف صورة أمى وأبى وأشقائى، وبرغم ذلك كنت اشعر بالرضا دائما، لكن كان لدى طموح بأن ما بى لم يكن عائقا لتحقيقى أحلامى فى التعليم والتعرف على أصدقاء والعمل والبيت والزوج، لكن بدأت أحلامى تتلاشى رويدا عندما رفض والدى رحمه الله، بالتحاقى بالمدرسة خوفا عليا، فلم يحاول من تعليمى حتى بالمنزل وهذا القرار كان له تأثير كبيرا فى شخصيتى، فحتى الأن كنت احلم بالالتحاق بالمدرسة والجامعة مثل بقية جيرانى".

أم المكفوفين بأسوان فاقد الشىء يعطيه (1)

وتابعت "وفاء": لم أفقد الأمل فى تحقيق حلمى وزاد إصرارى بعد وفاة والدى كنت وقتها فى عامى الـ25، وحاولت الالتحاق بفصول لمحو أمية المكفوفين لكننى لم أجد من يساعدنى، ومرت السنوات وأنا مازالت استعين بوالدتى وجيرانى فى أداء كل عمل أقوم به، فلا أستطيع الذهاب إلى مكان ما بمفردى، فلم أقابل حد يعلمنى كيف أتعامل وأنا كفيفة كيف امشى كيف أقوم بأبسط الأعمال الشخصية لى، وهذا كان يزيد حزنى لشعورى إننى دائما عبأ على من حولى".

 

وأوضحت قائلة: بعد أن أكملت عامى الأربعين، حدث لى موقف لم انساه فهو من غير طريقة تفكيرى تماما وكسر حاجز الخوف امامى، كنت اريد الذهاب إلى مشوار هام، وتواصلت مع إحدى جيرانى حتى تكون برفقتى وكان ردها كالاتى" مليش مزاج اروح خليها وقت تانى"، لم يمر هذا الموقف مرور الكرام فتأثرت كثيرا من رد فعلها، وقررت ألا انتظرها وبالفعل ذهبت هذا المشوار بمفردى وكانت المرة الأولى أن اخرج للشارع بدون مرافق، وفوجئت أن الاعتماد على الذات ليس صعبا على الاطلاق وأن تجربة الحياة كأننى فتاة طبيعية ممتعة جدا، تشجعت كثيرا وبدأت ابحث عن فرص للتعليم ومحو الامية من جديد، حتى التحقت بمدرسة ابتدائى، لكن إصرار مديرة المدرسة أن وجودى بمدرستها غير قانونى، جعلنى لم استمر سوى عام فقط، ومن بعدها خرجت من المدرسة ولم أتعلم شيئا شعرت بإحباط شديد لكن إصرارى جعلنى ابحث عن فصول لمحو الأمية وبالفعل نجحت تلك المرة، وتعلمت القراءة والكتابة بطريقة "برايل"، وبدأت التواصل مع مكفوفين نفس ظروفى، ومن هنا جاءت "الجمعية" التى كانت موجودة بالفعل لكنها كانت مهملة ولم تساعدنا فى ابسط الحقوق على الإطلاق".

أم المكفوفين بأسوان فاقد الشىء يعطيه (2)

وقالت قررت أنا ومجموعة من زملائى تنشيط مهمة الجمعية وبدأنا بإعطاء فصول تقوية ومحو أمية للمكفوفين حتى لا يعانوا مثل ما كنت أعانى، بدأت اتعامل مع أمهات الأبناء المكفوفين حتى أعاونهم على مساعدة أبنائهم وكيفية دعهم من الجانب التعليمى والنفسى، ونجحت أيضا فى تدريب السيدات الكفيفات على ممارسة الأنشطة المختلفة وممارسة حياتهم بشكل طبيعى دون الاعتماد على أحد، فضلا عن تدريب الفتيات على استخدام الحاسب الآلى والتكنولوجيا للتوسع فى التواصل مع الآخرين.

 

وعن طموحها فى الحياة، قالت "وفاء" لم أصبح ام مثلما بقية الفتيات لكنى احرص كل عام على تكريم الأمهات الكفيفات، ومن أجل ذلك ادخر طوال العام من معاش والدى حتى أتمكن من إقامة هذه الحفلة لتكريم الأمهات، وكل ما أحلم به هو أن يصبح للجمعية مقر نستطيع من خلاله مساعدة أكبر قدر من المكفوفين بالمحافظة.

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة