انتهت فرجينيا وولف من كتابة روايتها " بين الأعمال " ثم جلست وكتبت رسالة إلى زوجها الناقد والكاتب الاقتصادى ليونارد وولف ، وبعدما انتهت ملأت جيوبها بالحجارة وسارت ناحية قاع النهر.
كثيرا ما أفكر فى فرجينيا وحياتها ، وما دفعها إلى ذلك المصير ، وأسترجع كيف رأتها السينما وكيف قدمتها ، امرأة صارمة الهيئة والطبع ، لكننى أظنها غير ذلك ، فقد كانت لها نفس سريعة التأثر كثيرة الشجون .
كانت فرجينيا قد أصيبت بحالة من الاكتئاب ، وزادت حالتها سوءا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وتدمير منزلها فى لندن والاستقبال البارد الذى حظيت به السيرة الذاتية التى كتبتها لصديقها الراحل روجر فراى حتى أصبحت عاجزة عن الكتابة ، ومع ذلك كتبت قبل انتحارها نصا بديعا قالت فيه لزوجها " عزيزى ، أنا على يقين بأننى سأجن ، ولا أظن بأننا قادرون على الخوض فى تلك الأوقات الرهيبة مرة أخرى ، كما لا أظن بأننى سأتعافى هذه المرة ، لقد بدأت أسمع أصواتًا وفقدت قدرتى على التركيز . لذا، سأفعل ما أراه مناسبا. لقد أشعرتنى بسعادة عظيمة ولا أظن أن أى أحد قد شعر بسعادة غامرة كما شعرنا نحن الاثنين سوية إلى أن حل بى هذا المرض الفظيع . لست قادرة على المقاومة بعد الآن وأعلم أننى أفسد حياتك وبدونى ستحظى بحياة أفضل . أنا متأكدة من ذلك ، أترى ؟ لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة بشكل جيد ، لا أستطيع أن أقرأ ، جل ما أريد قوله هو أننى أدين لك بسعادتي . لقد كنت جيدا لى وصبورا على ، والجميع يعلم ذلك. لو كان بإمكان أحد ما أن ينقذنى فسيكون ذلك أنت . فقدت كل شئ عدا يقينى بأنك شخص جيد. لا أستطيع المضى فى تخريب حياتك ولا أظن أن أحدا شعر بالسعادة كما شعرنا بها ".
حدث ذلك فى يوم 28 مارس سنة 1941، ورحلت فرجيينا وولف مخلفة وراءها مجموعة من الكتب المهمة منها "موت الفراشة ومقالات أخرى" ، ورغم رحيلها لا تزال باقية فى وجدان الكتابة العالمية .
عندما أعدت قراءة الرسالة التى تركتها فرجينيا رأيت روحا شفيفة خفيفة مثل فراشة حقيقية ، ترفض أن تكون ثقيلة حتى على أحبائها ، كانت تخاف أن يعود إليها المرض وأن تفقد عقلها وألا تعود قادرة على الإدراك ، أرادت أن ترحل وصورتها فى عين زوجها "جميلة" وكان لها ما أرادت .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة