اليوم يحل صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، ضيفاً على مصر فى زيارة تستمر ثلاثة أيام، يلتقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويعقد عددا من الاجتماعات المهمة التى تستهدف دفع العلاقات الثنائية والأخوية إلى الأمام، والنظر أيضاً فى القضايا الإقليمية التى تهم الجانبين، وعلى رأسها الوضع فى اليمن وسوريا والقضية الفلسطينية والنفوذ الإيرانى، وغيرها من الملفات الملتهبة والساخنة فى المنطقة.
وأهمية زيارة ولى العهد السعودى للقاهرة أنها تأتى قبل زيارتين سيقوم بهما الأمير محمد خلال أيام، الأولى ستكون للعاصمة البريطانية لندن، فى السابع من مارس الجارى، للقاء رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى، لإجراء محادثات ستشمل قضايا مثل التطرف والإصلاح الاجتماعى، وهى الزيارة التى «تدشن - كما قال المتحدث باسم ماى - حقبة جديدة فى علاقات ثنائية ترتكز على شراكة تحقق مصالح واسعة النطاق لكل من المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتتيح الزيارة أيضا فرصة لتحسين تعاوننا فى مجابهة تحديات دولية مثل الإرهاب والتطرف والحرب والأزمة الإنسانية فى اليمن وقضايا إقليمه أخرى مثل العراق وسوريا».
كما سيقوم الأمير محمد بزيارة إلى الولايات المتحدة يوم 19 مارس الجارى، وهى الأولى له منذ توليه ولاية العهد الصيف الماضى، ويلاحظ هنا أن ولى العهد السعودى ينشط دولياً وإقليميا، وأنه اختار القاهرة لتكون نقطة الانطلاق لعدة أسباب أهمها أن العديد من الملفات التى ستكون حاضرة للنقاش على طاولة لقاءات الأمير محمد فى لندن أو واشنطن أو غيرها من العواصم التى ينوى زيارتها خلال الفترة المقبلة، هى ملفات تتداخل فيها القاهرة بشكل أو باخر، ولا يمكن لأى باحث عن الحل أن يتجاهل القاهرة، وألا لن يصل لما يتمناه من نتائج.
ولا يجب أن نغفل أو ننسى أن الأمير محمد يأتى لمصر بعد موجة الإصلاحات التى تشهدها المملكة، والتى قال عنها ولى العهد بأنها «جزء من علاج بالصدمة مطلوب لتحديث الحياة الثقافية والسياسية فى المملكة»، فبعد الحملة التى قادها ضد الفساد فى نوفمبر الماضى والتى شملت أسماء كبيرة، أجرت المملكة الأسبوع الماضى أكبر حركة تغيير داخل قيادات القوات المسلحة السعودية، قال عنها الأمير محمد إنه كان يخطط لها على مدى سنوات عديدة للحصول على نتائج أفضل للإنفاق الدفاعى السعودى، وكلها مؤشرات على أن المملكة مقبلة على مستقبل جديد، ربما تجد من يتخوفه، لكن كثيرين يرونه مشرقاً ليس فقط للسعودية وإنما للخليج بوجه عام وربما للمنطقة أيضا.
ما يجرى فى السعودية من تغيرات الآن لا يجب أن تكون منفصلة عما يحدث فى المنطقة بشكل عام، فالمملكة تغير جلدها، كما يقول المراقبون، والهدف هو مواجهة التحديات التى تحيط بها، وأغلبها تحديات أمنية، تسببت بها إيران بسبب تدخلها غير المبرر فى الداخل اليمنى، بما هدد المصالح والأمن السعودى بشكل مباشر، والتغلغل الإيرانى فى الخليج بمساعدة الغير، والغير هنا ممثل فى قطر التى لا تريد التراجع عن أفكارها ومخططاتها التدميرية والخبيثة فى المنطقة، وفتحت الباب أمام طهران، لكى تتخذ من الدوحة نقطة ارتكاز لهجماتها التى تستهدف من خلالها السعودية.
بالتأكيد التحديات الأمنية التى تواجه المملكة أحدثت ارتباكا فى الموازنة السعودية، وهو ما دفعها لإجراء الإصلاحات الاقتصادية، والتفكير خارج الصندوق، بحيث لا يقتصر اعتماد الموازنة السعودية على البترول وموسم الحج والعمرة، وإنما يجب أن تكون هناك مداخيل جديدة للاقتصاد، ومن هنا رأينا مشروع مدينة المستقبل «نيوم» وغيرها من المشروعات الاقتصادية العملاقة التى تعمل عليها المملكة حالياً.
قد تسأل ما علاقة ذلك بزيارة الأمير محمد بن سلمان للقاهرة، وأقول له إن العلاقة وثيقة، لأنه كما سردت، الإصلاحات الأخيرة والحملة ضد الفساد مرتبطة بما تواجه السعودية من تحديات تعمل المملكة أيضاً على مواجهتها بكل الطرق والوسائل، والقاهرة محطة مهمة ورئيسية للملكة وهى تفكر فى المواجهة، لذلك من المهم أن تحدث اللقاءات والزيارات المتبادلة بين قادة البلدين للتباحث والوصول إلى تصورات لكل ما يحدث، ولا ننسى أن الأزمة القطرية ربما تتطلب تحرك آخر جديد، وهو ما يتطلب تفكيراً مصرياً سعودياً، فضلاً عن التناقش حول الأوضاع فى اليمن وسوريا فى ظل المتغيرات الكثيرة التى شهدها الملفين خلال الأسابيع الماضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة