محمود سعد الدين

منسى بقى اسمه الأسطورة.. من أسوان للمعمورة

الإثنين، 05 مارس 2018 05:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جميل أن يتعلق قلبك وعقلك بنشيد أسطورى كنشيد الصاعقة المصرية الأخير، «منسى بقى اسمه الأسطورة.. من أسوان للمعمورة.. وقالوا إيه»، والحقيقة تسلم أيدى من كتب ومن سجل ومن وضع المعالجة التليفزيونية حتى تظهر هذه الأنشودة الجميلة للنور فتنتزع لنفسها على مكانة من قلوبنا ونرددها يوميا.
 
رغم أن الكلمات بسيطة واللحن أبسط، غير أن ما تتركه تلك الكلمات من أثر فى النفس كبير، لدرجة أن مدارس كثيرة فى محافظات الجمهورية خصصت جزءا من طابور الصباح لأداء ذلك النشيد، وتحول فى أيام قليلة من نشيد لكتيبة الصاعقة المصرية إلى نشيد المصريين وحال الأسر المصرية ممن يخدم أبناؤهم فى سيناء، يصبرون أنفسهم على الفراق بهذه الكلمات وبهذا النشيد الرائع.
 
سبحان الله وكأن القدر كتب للشهيد البطل أحمد منسى أن يظل أيقونة الشهداء بسيناء فى المستقبل، جميع الزملاء ممن خدموا معه تأثروا بشخصيته وبطباعه وبسلوكياته فشربوا منه التضحية وحب البلاد، لدرجة دفعت أحد الأصدقاء ممن استشهدوا بعده أن يكتب فى وصيته أن يدفن مع الشهيد المنسى فى نفس القبر.
 
تاريخ طويل من الشهادات البطولية عن رجالنا فى سيناء تدفعنا يوميا للفخر بهم والاعتزاز بكل أسرة مصرية وكل أم أنجبت وربت شبابا مثل هؤلاء، ولا أزال أتذكر حتى الآن 2 من خيرة أبطال سيناء ممن وقفوا ضد العمليات الإرهابية وتحديدا من أبطال الكتيبة 101 وقفا فى وجهة سيارة مفخخة ومنعاها من اقتحام أحد المقرات العسكرية، ليستقبلا الانفجار بجسديهما ويقللان من شدته التى كانت ستطيح حتما بكل فرد أمن داخل الكتيبة.
 
حكاية أخرى من بطولات سيناء كان صاحبها شاب من دفعة 2010، خدم فى العريش قبل 6 شهور من استشهاده، وكان مرتبطا بفتاة يحبها وتعشقه، يدعى وليد عصام، لا يزال برتبة نقيب، وعندما جاء أمر نقله لسيناء، اعترضت والدته لأنه من يرعاها بعد وفاة الأب، واعترضت خطيبته أيضا، لأنها تخاف عليه، ولكنه قدم حب وطنه على حب خطيبته، فانتقل لسيناء ليخدم بلده ويحافظ عليها.
 
فى المكالمات الهاتفية، كان يداعب خطيبته قائلا: «لو مت هتعملى إيه.. لو استشهدت هتعملى إيه.. الموت هنا قريب قوى»، كانت ترد خطيبته: «ما تقولش كدا بعد الشر، إن شاء الله هنفرح سوا ونتصور وإحنا فى الكوشة». رحل وليد عصام قبل أن يهنأ بصورة فى «الكوشة» مع رفيقة حياته، حزنت خطيبته لخبر الوفاة، دخلت على صفحته الشخصية وكتبت عبارة موجعة قالت فيها: «يا جماعة أنا خطيبة وليد، يا ريت ماحدش يقول إنه مات، كفاية بالله عليكم، وليد ما متش، إن شاء الله هيرجع، ما تعملش فيا كده يا وليد»، لها الحق أن تحزن كل الحزن ونحن معها ولكن حزننا يغلبه الفرح والسعادة بشاب مصرى يدرك أهمية وقوفه بجوار وطنه، يدرك معنى الحب السامى الذى تحدث عنه سيد حجاب عندما قال: «حبيبتى من ضفايرها طل القمر، حبيبتى بتعلمنى أحب الحياة، يا حلوة يا بلدنا يا نيل سلسبيل، بحبك إنت رفعنا راسنا لفوق، للحلوة قلب كبير يضم الولاد وزاد وزوادة وضلة وسبيل، الموت والاستشهاد عشانها ميلاد، وكلنا عشاق ترابها النبيل».
 
العبارة الدائمة للخونة بعد أى عملية إرهابية فى سيناء أن الشهداء يكونون فقط من «الجنود الغلابة» وليس من القيادات، والتفجيرات الأخيرة أكبر رد على أى خائن أن الجيش لا فرق فيه بين فرد أمن ولواء أركان حرب، الاثنان سواسية فى مواجهة الإرهاب، الاثنان على خط دفاع واحد، الاثنان يتصديان بصدورهما لأى إرهابى غادر، فى قائمة الشهداء، ستجد كثيرا من القيادات أيضا وأتذكر 2 من قيادات الجيش فى سيناء، وهما العميد أركان حرب السيد أحمد فوزى صالح والرائد أركان حرب هشام محمد السيد عبدالعال.
 
العميد فوزى والرائد هشام «رجالة» بمعنى الكلمة، كلاهما لم يفكر فى البعد عندما يتركان عائلتيهما ويقضيان شهرين فى سيناء بدون إجازات، لم يطلبا أى حوافز أو مكافآت لأنهما تحت القصف يوميا، ومعرضين للخطر 24 ساعة فى الـ24 ساعة، كلاهما لم يفكر فى أى عواقب وهما يتعاملان مع أى جسم غريب قد ينفجر فيهما إلا الحفاظ على سلامتنا نحن المدنيين من أى سوء، كلاهما لم يتعاملا مع الوطن بقاعدة «الكام بكام» مثل مئات المزايدين، كلاهما قدما الوطن على أى مصلحة، جعلوه فى المقدمة وما بعده يزول.
 
رحم الله شهداءنا وألهم أسرهم الصبر والسلوان، وتبقى رسالة أخيرة إلى كل ابن أو أخ أو أخت أو أم شهيد، للكل جميعا أن تفتخروا، أنتم الشعلة الحقيقية التى تنير الوطن.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة