"باكن خنسو رجل مبدع اهتم بما يقوم من أنشطة بكل الأنشطة، وبخاصة ما يتعلق منها بالطبقة الشعبية، كان رجلا كريما. فى مزادا فى أيامنا هذه مرتفعًا فى سماء باريس مسلة ميدان الكونكورد، أثر – ذكرى من باكن خنسو فيما سبق أقامها كبير الكهنة أمام المعبد الكبير بالكرنك".. هذه الصفحة تحمل رقم 64 من الكتاب المهم "عالم الرعامسة" للباحثة الفرنسية كلير لالويت، والذى صدرت ترجمته عن المركز القومى للترجمة وقام بها حسن نصر الدين وراجعها عاطف عبد السلام.. فهل فهم أحد شيئا من هذه الفقرة؟.
الكتاب مهم جدا، يعرض للحياة فى عصر الرعامسة من النواحى الحياتية المختلفة، اليومية والعسكرية والدينية، ويتتبع السمات التى أنجزها ملوك الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين، ومؤلفة الكتاب باحثة مهمة ولها العديد من الكتب المعروفة عن مصر منها "طيبة، والأدب المصرى القديم"، فلماذا خرجت ترجمة الكتاب مرتبكه لا نستطيع أن نفهم شيئا واضحا منها؟.
عن نفسى عانيت كثيرا فى الكتاب صغير الحجم الذى لم يتجاوز الـ139 صفحة، الحافل بالتراكيب غير المنتظمة، والدلالات غير الواضحة والأخطاء اللغوية الفادحة وغير ذلك الكثير مما يتعلق بسلامة الجملة والمعنى، وبكل ما يساعد على الاستفادة من المعلومات المهمة التى حاولت المؤلفة الفرنسية أن تقولها لكننا وأدنا كل ذلك بين ضفتى الكتاب.
كل من اشترك فى هذا الكتاب يتحمل وزره، المترجم الذى لم يقرأ ما ترجمه ولم يسأل نفسه عن الأشياء "المربكة" وأولها سلامة الجملة، والمراجع الذى وضع اسمه على الكتاب، والمركز القومى للترجمة الذى لم يعرض الكتاب على محرر أو يرفض هذه الترجمة.
بالطبع لا يمكن أن ننكر أن المركز القومى للترجمة يقدم العديد من الكتب المهمة وأنه يسعى دائما لملء ثغرة غياب الترجمات للغة العربية، لكن لم أتوقع أبدا أن يحدث استسهال فى بعض الترجمات، ويأتى على رأسها هذا الكتاب الذى بين أيدينا فتقريبا كل فقراته بها خلط وترجمة مما يدعونى للاعتقاد بأن ما فيه هو ترجمة "جوجل".
ربما يظن القائمون على المركز أن الأمر بسيط وأن كتابا أو اثنين بهما هذا الارتباك لا يمثلان شيئا بين الكتب الكثيرة التى يصدرونها كل عام، لكن فى الحقيقة الموضوع لا ينظر إليه بهذه الطريقة فأصغر الشرر هو من يشعل أكبر الحرائق ويفسد كل شىء، لذا أرجو من الدكتور أنور مغيث، أن ينتبه لمثل هذه الأشياء ويحاسب المخطئين خاصة أن الكتاب مترجم عن الفرنسية وهى ما يحبه "مغيث" وما يجيده.