مع ظهور الألتراس فى ملاعب كرة القدم، كانوا بمثابة أبطال أفلام الأبيض والأسود منذ أن كان عماد حمدى فتى الشاشة الأول، وعمر الشريف «الجان»، أو نجوم قصص حب «قيس وليلى» و«عنتر وعبلة»، فقد خطفوا القلوب من أول وهلة نظرًا لتشجيعهم الذى يحرك الصخر داخل المستطيل الأخضر، حينما كان هدفهم الرئيسى يكمن فى تشجيع النادى الرياضى الذى ينتمون له، وأعطوا للتشجيع الرياضى طعمًا جديدًا فى بث روح المنافسة بين الأندية حتى أن معظمهم باختلاف انتماءاتهم سواء للأهلى أو الزمالك أصدقاء خارج ساحة مدرجات التشجيع، وكانت دخلاتهم الكروية لها مذاق خاص فى الإبداع، باختصار كانوا مثل حلم جميل، لكن سرعان ما تحول هذا الحلم إلى كابوس بعد خروجهم من تراك التشجيع إلى ملعب السياسة.
اليوم أصبح الألتراس فى زمن أفلام الهلس، كأن هناك أحد ضغط على زر فتحولوا من الزمن الجميل إلى زمن «الروش طحن» و«الموزة» وغيرها من المصطلحات التى يستخدمها الشباب حاليًا، لك أن تتخيل التحول من زمن محمد فوزى والعندليب وسعاد حسنى إلى زمن أغانى التكاتك.
ما الذى يفرق بين الإبداع والحمق؟.. إنه الخيط الرفيع بين الرياضة والسياسة، فما حدث خلال مشوار «ألتراس أهلاوى» و«وايت نايتس زملكاوى» و«جرين إيجلز البورسعيدى»، وغيرها من الجروبات الأخرى، يجسد هذه الحالة «الشيزوفرينية» التى عاش فيها مجتمعنا بعد الخامس والعشرين من يناير 2011 تحديدًا، فقد انقلبوا على موازين «الفكرة الأم» لهذه المجموعات والقائمة على تشجيع الكيان الرياضى المنتمين إليه فقط وظهرت المشاكل بين الجروبات المختلفة، وأصبحوا خارج نطاق السيطرة.
الأزمة الحقيقية التى تلاحق الألتراس حاليًا هى استمرار اختراقهم من خفافيش الظلام الذين يسعون إلى تدميرنا جميعًا وليس وطنًا فقط، للأسف الشديد فقد سقط الكثير من هؤلاء الشباب الذين ينتمى أغلبهم إلى فئة عمرية صغيرة بمرحلة الثانوية العامة والجامعة، «فريسة» لمحاولات تجنيدهم من الجماعة الإرهابية.. وهو ما يتضح جليًا حينما يتم السماح بحضورهم بعض المباريات، ولعل ما حدث فى آخر مباراة للأهلى بدورى أبطال أفريقيا خير مثال على ذلك.
مؤخرًا، أصدر ألتراس أهلاوى بيانًا يتلخص مضمونه فى أنهم تعلموا الدرس ويرغبون فى الحصول على فرصة أخيرة من أجل العودة إلى «الفكرة الأم»، التى تحدثت عنها مسبقًا، لكنى أرى أنه فات الأوان لأن القيادات المسؤولة عن هذه المجموعات لن تستطيع السيطرة على أفكار الجموع الحاشدة أو التحكم فى احتمالية اختراقهم بأى وقت من الجماعة الإرهابية.
إذن نحن أمام إشكالية كبرى فى مخطط عودة الجماهير بكامل هيئتها إلى الملاعب من جديد.. هل نستعين بـ«جامايكا» لحل الأزمة؟.. هل الجلوس على طاولة واحدة بين المسؤولين عن الرياضة والمسؤولين عن هذه الجروبات يملك مفاتيح الحل؟!.. كلها أسئلة واقعية وساخرة لن تجد إجابة لها.
ختامًا.. بصراحة ما شاهدناه على الساحة الرياضية فى السنوات الأخيرة لا يصلح سوى لفيلم كوميدى هابط لا يثير الإعجاب أو الضحك والأفضل ألا نشاهده، ونبحث على موقع «اليوتيوب» مثلًا ونشاهد فيلم«4-2-4»بطولة الفنان الراحل يونس شلبى وسمير غانم والذى يعد من أكثر أفلام كرة القدم كوميدية فى تاريخ السينما المصرية. «ذلك أفضل بكثير».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة