فى زحام متابعة نتائج الانتخابات الرئاسية بين الاحتفال والتحليل ودراسة ردود الفعل الدولية، كانت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى حاضرة وتستدعى تأملا وتدبرا باعتبارها كلمة تأسيسية لمرحلة مقبلة، وليست مجرد كلمة شكر من الرئيس إلى الجماهير التى شاركت فى الانتخابات ومنحته ثقتها وأصواتها لاستكمال مشروعه كرئيس لمصر فى ولاية ثانية عمرها أربع سنوات تنتهى فى 2022.
فى الجزء الأول من كلمة الرئيس وجه الشكر للشعب المصرى على الصورة المشرفة التى خرجت بها الانتخابات التى روج وظن البعض أنها لن تحظى باهتمام ومشاركة المصريين، ولكن أرقام ونسب المشاركة أكدت أن ظنونهم لم تفلح وأموالهم التى أنفقت لحث الشعب على المشاركة ضاعت دون نتيجة، كرر الرئيس استخدام لفظة «نحن» للتأكيد على فكرة المشاركة التى اعتمدها منهجا فى مخاطبة الشعب المصرى، وأكد كما يحب دوما على قدرة الشعب على اتخاذ قرار الاختيار فى اعتراف متكرر منه على وجوده فى هذا المنصب بدعم ورغبة شعبية.
الجزء الثانى من كلمة الرئيس يستحق الكثير من التأمل والدراسة، يستحق أن يكون حجر الأساس لخط سير المرحلة المقبلة، بشكل يجنب مصر الكثير من الخلافات الناتجة عن سوء الخطاب الإعلامى فى بعض الأوقات أو عبثية الخطاب السياسى لبعض المسؤولين فى أوقات أخرى، فى هذا الجزء وضع الرئيس دستورا جديدا يحمى مصر من نغمة الخصومة والتخوين التى يعتمدها بعض أهل الإعلام والسياسة لتقديم أنفسهم للساحة، بينما هم يخربون نسيج الوطن الواحد الذى يراهن الرئيس عليه دوما.
نصا قال الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته: «وأعدكم بأن أعمل لكل المصريين دون تمييز من أى نوع.. فالذى جدد الثقة بى وأعطانى صوته لا يختلف عمن فعل غير ذلك.. فمصر تسع كل المصريين.. ما دام الاختلاف فى الرأى لم يفسد للوطن قضية.. والمساحات المشتركة بيننا أوسع وأرحب.. من أيدلوجيات محددة أو مصالح ضيقة.. ولعل العمل على زيادة المساحات المشتركة بين المصريين.. سيكون على أولويات أجندة العمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة».
هذه الكلمات الرئاسية تستدعى تمسكا بها من قبل المعارض قبل المناصر، تمسكا يليق بتحولها إلى عهد يرسم طريقا جديدا يوفر على مصر صراعات كان يخلقها أصحاب المصالح بلغة التخوين والقضايا التى لا يحصد الوطن من وراء جدلها سوء إهدار الوقت.
لا يخفى على أحد أن 90% من الخلافات الجدلية التى يشعلها البعض فى الإعلام أو السياسة، بسبب نغمة التخوين والعمالة تهدر وقت وطن يحتاج إلى كل ثانية لتحصين نفسه ضد مؤامرة تحيط بمنطقة ككل، ومخطط يستهدفه هو بصفته الوطن الأكثر تماسكا فى وجه أهل الحقد والغل والشر.
كلمات الرئيس التى أكد فيها أن مصر تتسع للجميع وتحدث فيها عن المساحات المشتركة، ورفع فيها شعاراً مهماً هو الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية، لابد أن تكون هى الكتيب الإرشادى لأهل السياسة والإعلام الذين يصادرون على بعضهم ويحتكر بعضهم الوطنية، بينما يحتكر البعض الآخر فكرة النضال والشرف، فتتحول مواجهاتهم إلى صراع اتهامات بالتخوين والجهل وخلافه وهو صراع يعكر مياه الحياة فى مصر بشكل يسهل على الإخوان اصطياد ما يمكن استثماره فى تشويه صورة وطن ينفق من دم أولاده الكثير للحافظ على صورته متماسكة وقوية.
فى ظنى لو اعتمد الإعلام والنواب وأهل السياسة فى طرحهم على التوجه العام الذى وضح فى كلمة الرئيس بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، سنضيع الفرصة على الإخوان وغيرهم من أهل الفذلكة فى الإساءة لهذا الوطن.
هذا الجزء من كلمة الرئيس تحديدا لو تم الاستناد إليه قبل أى طرح إعلامى تخوينى أو إقصائى ستنجو مصر من خلافات ومشاهد إساءة لا تستحقها، أعيدوا سماع كلمة الرئيس والإنصات إليها، واجعلوها عهدا عليه ينفذه، وطريقا لكم ننجو به من فخ الانقسام والإقصاء والتخوين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة