علقت مجلة "الإيكونومست" البريطانية على تردى العلاقات التركية اليونانية ووصولها إلى مرحلة سيئة جديدة، وقالت إنه عندما زار الرئيس التركى، رجب طيب اردوغان اليونان العام الماضى، فى أول زيارة لرئيس تركى منذ أكثر من 6 عقود، زادت الآمال بشأن توصل كل من أثينا وأنقرة إلى صيغة يستطيعان بها تقليل التوترات، ولكن من يتابع تطور العلاقات خلال الشهرين الماضيين يجب أن هذا لن يتحقق قريبا.
وأضافت المجلة أنه بدلا من أن تحل الجارتان خلافاتهما القديمة، خلقتا مشكلات جديدة فى الجو والبحر.
وسردت "الإيكونومست" كيف رفضت محكمة تركية الإفراج بكفالة عن جنديين يونانيين قبض عليهما قبل أسابيع من عبورهما الحدود مع تركيا في 27 مارس الماضى. ويقول الجنديان إنهما ضلا طريقهما إلى الأراضي التركية بسبب الثلوج الكثيفة والضباب. ووجهت النيابة العامة التركية اتهامات بالتجسس، ليقارن بعد ذلك أليكسيس تسيبراس ، رئيس الوزراء اليوناني ، أردوغان بالسلطان واتهمه بتحويل الجنديين إلى رهائن.
وأشارت المجلة إلى أن تركيا طلبت مرارا وتكرارا من اليونان تسليم ثمانية جنود أتراك فروا عبر بحر إيجة بعد انقلاب فاشل في عام 2016.
وبمساعدة مثيرى القلائل من كلا الجانبين ،تضيف المجلة، فإن النزاعات حول المجال الجوي والحدود البحرية ، التي سممت العلاقات بين اليونان وتركيا لعقود ، عادت إلى المشهد مرة أخرى.
وسردت المجلة كيف اشتعل فى فبراير الماضى، الخلاف مرة أخرى حول عدد من الجزر غير المأهولة فى بحر إيجه، التى كادت أن تسبب فى اندلاع حرب بين الدولتين الحليفتين فى الناتو فى التسعينيات، عندما اصطدمت سفينة تركية كانت تجوب المنطقة بسفينة يونانية.
وفى الآونة الأخيرة، اعترضت المقاتلات اليونانية طائرة بدون طيار تركية كانت تحوم فوق جزيرة رودس، لتزداد وطأة الخلاف بينهما. فى الوقت الذى حذر فيه رئيس الوزراء التركى اليونانيين من "التظاهر بأنهم قراصنة".
وكان أردوغان، الحريص على الحفاظ على المشاعر القومية قبل الانتخابات المقرر إجراؤها فى العام المقبل، استحضر انتصاراً تركياً على الجيش اليونانى الغازى عام 1922. وفى 4 أبريل، قال وزير الدفاع اليونانى أن بلاده "ستسحق" أى توغل تركى وأعلنت عن نشر قوات مكونة من 7000 جندى إضافى إلى الحدود.
ولم يقتصر الخلاف بين تركيا واليونان فى الجو فقط، وإنما امتد ليشمل المياه كذلك، حيث أثارت اكتشافات الغاز الطبيعى فى شرق المتوسط، وهى المنطقة التى ينظر إليها بأنها مفتاح السلام فى المنطقة، الخلاف مجددا لتحرض أنقرة ضد المزيد من الدول بالإضافة إلى اليونان.
اردوغان ورئيس وزراء اليونان
وقامت تركيا بالفعل بتعطيل خطط قبرص لتطوير بعض حقولها البحرية. وفي وقت سابق من هذا العام منعت سفنها الحربية حفار تابع لشركة الطاقة الايطالية من التنقيب عن الغاز شرقي الجزيرة التي تنقسم بين الجنوب القبرصي اليوناني المعترف به دوليا والشمال الذي تسيطر عليه تركيا. (وتركيا ، الدولة الوحيدة في الأمم المتحدة التي لا تعترف بقبرص ، لا تعترف بحدود الأخيرة البحرية).
واستمرت أنقرة فى استفزازاتها حتى أنها تصادمت مؤخراً مع مصر التي وافقت على تطوير بعض حقول الغاز بالتعاون مع قبرص.
الرئيس اليونانى ورجب طيب اردوغان
ونقلت "الإيكونومست" عن مات بريزا ، مسئول سابق في البيت الأبيض ، قوله إن خطط بناء خط أنابيب يمد الغاز الإسرائيلي والقبرصي إلى اليونان ، وهى الخطط التى تجرى مناقشتها تجاريا بالفعل ، تواجه الآن توترات جيوسياسية متصاعدة.
بالإضافة إلى مواجهة مشروع يربط بين إسرائيل وتركيا تحديات كذلك ، مع وجود خلاف بين الحكومتين حول الوضع في غزة ووضع القدس.
واعتبرت "الإيكونومست" إن دبلوماسية تركيا البحرية تعمق عزلتها.
ونقلت المجلة عن خبير طاقة تركى قوله إن هناك محور جديد يظهر بين مصر وإسرائيل وقبرص واليونان لمواجهة تركيا.
وختمت "الإيكونومست" تقريرها بالقول إن مواجهة عنيفة فى البحر، سواء بالصدفة أو بالعمد، ربما تكون مسألة وقت فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة