عقب ثورة 23 يوليو أقام الزعيم "جمال عبدالناصر" العديد من المصانع لتحقيق نهضة اقتصادية و تشغيل الأيادى العاملة فى مصانع مصرية ، و كان بينها مصنع " الجوت" وهو الأول من نوعه فى الشرق الأوسط لتصنيع أجولة الخيش ، بغرض الحفاظ على المنتجات الزراعية و التى من أهمها القمح و القطن الذى وقتها كان يمثل الذهب الأبيض و يتهافت العالم علية وعلى منتجاتنا القطنية ، ذلك بمدنية بلبيس بالشرقية ولأهمية هذه الصناعة و كثرة عدد عمالها الذى تجاوز 6 آلاف عامل، إقيم بالجهة المقابلة للمصنع منشآت للخدمة العاملين و هى " مستشفى و نادى رياضى شارك فريقه فى الدورى الممتاز و سينما و مسرح و مجمع سكانى " جميعها تحمل اسم " الجوت " ، إلا أن " دوام من المحال " فلم يبق من تلك القلعة الصناعية سوى حطام و نصب تذكارى مهدم للزعيم وتشرد العمال .
فعلى الجانب الغربى من مدينة بلبيس ، بالتحديد أمام الكلية الجوية ، على مساحة 120 فدانا أقيم مصنع الجوت فى عام 1958، لإنتاج أجوال الخيش، والذى عانى عماله خلال 20 سنة الأخيرة و تحول مؤخر إلى حطام وعشش العنكوت و الحشرات هى تكسو جوانبه بسبب سوء الإدارة.
ووقف عماد محمد حسين أحد العاملين بالمصنع ، بجوار النصب التذكر التذكارى ، الذى كان قد إقيم للزعيم عبد الناصر فى صحن المصنع ، لـ " اليوم السابع " ، إننى تربيت فى هذا المكان منذ كنت طفلا ، وكان مدينة كاملة و خلية نحل يعمل فيه الآلاف من العمال و الموظفين ، كان هناك نشاط اجتماعى و فرقة مسرح تقدم عروضا مسرحية و فنية عليها ، وفريق للكرة شارك فى الدورى الممتاز موسم 1977 و 1978 ، والذى قدم مباريات قوية خلال هذا الموسم، و أضاف و هو يعتصر من الألم أن سوء الإدارة و ضعف الرقابة عليهم و الفساد ، كان الأسهم القاتلة لهذا الصرح الاقتصادى ، فمع بداية التسعينات، بدأ الإهمال و الفساد يعشش داخل المصنع ، و اتجه إلى سياسية البيع و الخصخصة ، بعد أن نهب خير المصنع من قبل كبار الموظفين على حساب العمال ، الذى أدى لتدمر بيوت و تشريد العمال بدلا من إعادة نهضة هذا المصنع .
موضحا أن بدأت مجالس الإدارت المتعاقبة فى تلك الفترة ، بدأت بتقليص الرواتب و خصم الحوافز ، للضغط على العمال للخروج معاش مكبر ، و تم تصفية العمال من 6 آلاف إلى167 عاملا وأغلق النادى الاجتماعى و المستشفى ، قبل سنوات ، حتى خرجوا جمعيهم على المعاش المبكر ، ليعملوا فى مصانع الجوت بالقطاع الخاص ، و أن آخر العمال و عددهم 64 عاملا ، تم نقل 10 منهم إلى مصنع مستطرد و45 إلى مصنع الغزل بالزقازيق، مضيفا أن الفساد الإدارى أدى إلى تراكم الديوان على المصنع لأحد البنوك، مما اضطرت الإدارة للتنازل عن قطعة أرض كبيرة من تساوى عشرات الملايين من حرم المصنع.
واستطرد ، أن صناعة الجوت لها أهمية كبيرة، لحفظها على المنتجات الزراعية، و لذلك هناك العديد من مصانع القطاع الخاص، إلا أن هذا المصنع هو الوحيد الذى يملكه القطاع العام.