يوسف أيوب

كل الطرق تؤدى إلى السلام فى شبه الجزيرة الكورية

الإثنين، 23 أبريل 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل الطرق تؤدى إلى الهدوء والسلام فى شبه الجزيرة الكورية، فبعد تعليقات ساخنة وتبادل الاتهامات والتهديدات أيضاً، هنحن نقترب من ظهور الزعماء، وهم يتعانقون أمام كاميرات التصوير، لينهوا حقبة امتلأت بالتوتر والقلق الذى سيطر على الجميع.
 
فجر السبت الماضى، أعلنت «بيونج يانج»، بشكل مفاجئ لكثيرين، لكنها ليست مفاجئة بالنسبة لى شخصياً، أنها ستتوقف عن إجراء تجاربها النووية وإطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات بدءًا من السبت، ونقلت وكالة أنباء كوريا الجنوبية «يونهاب»، عن الزعيم الكورى الشمالى، كيم جونج أون، عزم بلاده إغلاق موقع التجارب النووية، وقال كيم:  «لا حاجة لإجراء تجارب نووية أو بالستية»، مؤكدا أن بلاده «ستجرى حوارا مع المجتمع الدولى لإحلال السلام وتحقيق النمو الاقتصادى»، وجاء هذا الإعلان قبل أقل من أسبوع من القمة المرتقبة بين الكوريتين، الجنوبية والشمالية، التى تسبق قمة تاريخية مرتقبة فى غضون أسابيع بين الزعيم الكورى الشمالى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
 
كيم لخص استراتيجيته بقوله: «بما أنه تم التحقق من قوتنا فى تصنيع الأسلحة النووية، فنحن لم نعد بحاجة إلى إجراء تجارب نووية أو إطلاق صورايخ متوسطة أو بعيدة المدى أو صواريخ بالستية عابرة للقارات، وأن موقع التجارب النووية فى الشمال أنجز مهمته».
 
ما أعلنته كوريا الشمالية لاقى ترحيباً غربياً، خاصة من الولايات المتحدة التى قال رئيسها دونالد ترامب: «هذا يعد نبأ جيدا جدا لكوريا الشمالية وللعالم وتقدم كبير! أتطلع لقمتنا»، وجاء تعليق ترامب بعد إعلانه: إن مايك بومبيو مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، زار بيونج يانج، الأسبوع الماضى، واجتمع مع الزعيم كيم جونج أون، وأقام علاقة جيدة معه قبل القمة المقررة فى مايو أو يونيو.
 
ما فعلته كوريا الشمالية لم يكن مفاجئا لى، لأنى كنت أنتظر هذه الخطوة من شهرين تقريباً، وسبق أن تحدثت عنها فى مجموعة من التحليلات التى كتبتها عقب زيارة قمت بها لكوريا الجنوبية واليابان، والتقيت خلالها بمسؤولين دبلوماسيين وعسكريين من البلدين، ورأيت أن الأوضاع فى البلدين مهيأة لخطورة تأتى من كوريا الشمالية، ورغم أن كثيرين لم يصدقوا من ذهبت إليه، لكنى كنت مصر على كل كلمة ورأى انتهيت اليه، لأن الوقائع على الأرض كانت تقول إن السلام قادم لا محالة، وأن 2018 لن ينتهى إلا بسلام فى شبه الجزيرة الكورية، خاصة أن كل التقديرات الدبلوماسية كانت تقول إن بيونج يانج فى سبيلها للانخراط فى عملية سياسية تفاوضية، بعدما استطاعت الوصول إلى المرحلة النهائية من التجارب النووية، وأنها أصبحت عضواً فى النادى النووى، سواء قبل الآخرين بذلك أم رفضوا، فالأمر الواقع يقول إنها تمتلك سلاحا نوويا، وهى تريد الذهاب إلى طاولة التفاوض الآن، وهى فى موقع قوة، ولم تجد توقيتاً للإعلان عن ذلك أفضل من الآن، قبل اللقاء الذى سيجمع كيم مع نظيره الكورى الجنوبى، الذى قال إن «قرار كوريا الشمالية يمثل تقدما مهما نحو نزع السلاح النووى من شبه الجزيرة الكورية وهو هدف يرغب العالم فى تحقيقه، وأنه سيساهم فى خلق بيئة إيجابية للغاية لنجاح القمتين المقبلتين: قمة الكوريتين وقمة الولايات المتحدة- كوريا الشمالية».
 
ربما ساعد فى ذلك أيضاً أن رئيس كوريا الجنوبية «مون جيه إن»، فتح باباً للحوار مع جارته الشمالية، كان مغلقاً فى الماضى، ولم يخف مون جيه رغبته فى إنهاء كل مظاهر العداء مع الشماليين، بل لم يخش الصدام مع الولايات المتحدة التى كانت متحفزة للصدام العسكرى، لكن سيول اختارت طريق الهدوء والسلام، وبعثت برسائل عدة لبيونج يانج التى استقبلت الرسائل بإيجابية، ومن هنا تم فتح أبواب الحوار السرى، قبل أن تظهر للعلن.
 
وساعد على ذلك أيضاً وجود رغبة لدى دول المنطقة، خاصة كوريا الجنوبية والصين فى أن يعم السلام المنطقة، حيث لعبت الصين دوراً فى تقريب وجهات النظر، وكانت زيارة زعيم كوريا الشمالية لبكين قبل أيام مهمة للغاية، لأنها شهدت وضع الأسس التى ستسير عليها المنطقة فى طريق الحوار والسلام، حيث يسود رأى فى المنطقة أنهم لم يجنوا شيئاً من الخلاف أو الصدام، وأنه إذا استطاع قادة المنطقة العمل على إيجاد حل للأزمة الكورية الشمالية، فإن دول المنطقة سيكون بمقدورها قيادة النظام العالمى بالكامل اقتصاديا وسياسياً وعسكرياً أيضاً، فهم يدركون أن استمرار الخلاف يصب فى صالح دول أخرى لا تريد لشبه الجزيرة الكورية أن تنعم بالاستقرار، وهو ما اقتنعت به كوريا الشمالية، وبدأت الترتيب للمستقبل بناء على المعطيات الجديدة، وأيضاً بعد أن حققت جزءا مهما من استراتيجيتها ببناء ترسانة نووية تمكنها من التعامل مع أى تهديد مستقبلى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة