تعددت ضحايا انتهاكات الحوثيين وتعددت الوسائل فمن القصف والقنص والقذائف إى الألغام فخلال زيارتنا لليمن أخبرنا كثير من الأهالى أن عددا كبيرا من الأطفال راحوا ضحايا لألغام على شكل كرة قدم وأثناء اللعب بها انفجرت بهم فمحافظات عديدة باليمن .
لقد دفع الأطفال ثمن حرب ليسوا طرفا بها وأجبروا أن يجنوا الألغام ومن بين الضحايا التقينا مع عبد الواحد قاسم الوفى، ابن الحادية عشر والذى فقد ذراعيه وأحد ساقيه فى انفجار لغم .. لم يذهب إليها أو يعرف حتى معناها بل كانت رابضة بجوار منزله دون أن يدرى ليفاجأ بها تنفجر تحت قدميه آخذة معها معظم أطرافه ليتبقى أصبعين ونصف قدم.
يعيش عبد الواحد مرارة الحياة بين أطفال يلهون ويلعبون ويتشاجرون وهو عاجز عن ممارسة حيته بصورة طبيعية.. اقتربنا منه وسألناه: "ما الذى فعل بك هكذا؟، ليجيب بصوت خافت نسمعه وبلهجة بدوية وعيون ملأتها الدموع: "انفجر فيا لغم".
وبالاستفسار عن تفاصيل القصة قال: "خرجت فى صبحية مع جدتى عشان أساعدها فى رعاية الغنم فى منطقة "نهم" بالقرب من منزلى وأنا ماشى أجرى ورا خروف عشان أجيبه فـ"دعست" على لغم وانفجر فقطع نصف قدمى وشظايا فى ساقى ولما وقعت للأمام مسنود بيدى انفجر لغم تانى قطع يدى الاتنين وفجأة لقيت كل حتة فيا بتنزل دم".
يستكمل عبد الواحد حديثه بأنفاس متقطعة وصوت خنقته الدموع: "ما حسيتش بنفسى إلا ولقيت الحوثيين ودونى مستشفى فى صنعاء، قطعوا اللى تبقى من مكان الإصابة لكن ما خرجوش الشضايا من جسمى وبعد شهر خرجت وروحت للمستشفى العسكرى فى مأرب وكملت علاج".
وعن أكثر حاجة حاسس بها قال: "الألم مش من الجرح لكن لأن مش بقدر أكتب ولا ألعب ولا أجرى زى الناس رجعت استنى أمى تأكلنى".
براءة عبد الواحد وصغر سنه لم تشفع له أمام ميليشيا قررت تشويه جسد كل يمنى دون استثناء فاستبدلت تلك الألغام أصابع عبد الواحد العشرة باثنين فقط ومحت معالم يديه ليصبح بلا كفين، حتى ساقيه لم تسلم من الحادث فقطعت نصف قدمه ليفقد معها أحلامه فى الجرى والللعب أو حتى ممارسة حياة طبيعية كأقرانه .
الطفل عبد الواحد قال: "مليشيات الحوثى قالوا لجدتى إنها جاسوسة تقدم معلومات للشرعية ومنعوها من الرعى فى المنطقة ومنعوها من الخروج من المنزل وطلبوا منها أن انضم للمجندين".
بعد ما خرجت روحت مركز الملك سلمان بتاع الأطراف الصناعية فى مأرب خدوا مقاسى وصنعوا لى قدما، ومستنى اليدين الصناعيين لأن فيه ناس كتيره عاوزة وكل يوم بروح اسأل نفسى ألاقى دورى.
كثرة تردد عبد الواحد على المركز جعلت المسئولة بالمركز تطلعه على كشف الحالات السابقة كى يقتنع وتهدأ قدماه عن قطع الرحلة اليومية من منزله للمركز تجرى عينيه ببين سطور الكشف ثم يتطلع للمتخصصة بعينين تستعطفان القلوب الرحيمة لعله يجد مكانا بين قائمة تضم مئات الحالات التى تحتاج أطراف بديلة .
وعن أمنياته قال: "عاوز أغطى منظر أيدى عشان العيال ما تخافش منى حتى لو مش زى الحقيقيين أنا هغطيهم بالكوت والشميز محدش هيعرف".
وأخيرا تساءل عبدالواحد: ليه الحوثيين بيعملوا كدا فينا؟
عبد الواحد حالة ضمن 383 طفلا مصابا جراء الألغام الحوثية إلى جانب 164 طفلا قتلتهم الألغام منذ بداية الحرب فى 2015 حتى الآن، طبقا لإحصائيات تحالف رصد للحقوق والحريات، وهى أرقام أقل من الواقع وتتضارب مع أرقام لجهات أخرى، وهو فسره لنا الدكتور عرفات مؤكدا أن هناك حالات كثيرة تم رصدها لكن لم تتمكن المنظمة من توثيقها نظرا للقبضة الأمنية فى مناطق سيطرة الحوثى وصعوبة تحرك فرق البحث فى ظل الملاحقات، مشيرا أنه فى كل حالة توثيق هنا حالتين لم يتم توثيقهما .
تختلف المأسى ويجمعها الألم فعبد الواحد مثله 75 طفلا أصيبوا بإعاقات دائمة من أبناء محافظة مأرب بسبب الغام الحوثيين وكذا 204 أطفال مصاب بإصابات مختلفة جراء انتهاكات الحوثيين، بينما قتل 167 طفل منها 29 طفلا سبب مقتلهم الألغام منذ اندلاع الحرب فى المحافظة، وذلك حسب إحصائيات رسمية فى تقرير لمكتب حقوق الإنسان بالمحافظة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة