سهر المصريون فى انتظار الإعلان عن فوز محمد صلاح، بجائزة أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى، واشتعلت المواقع الإخبارية والسوشيال ميديا فى متابعة الحدث، بما يعكس القدر الذى يمثله النجم المصرى فى نفوس أهله ومحبيه، وعندما تم الإعلان عن اسم صلاح وخرج هو واثق الخطوة يمشى ملكًا للتتويج، صفق المصريون وهللوا، وباتوا ليلتهم هانئين فرحين.
والفرحة شىء جميل «تُعدى» الآخرين وتصيبهم بالفرح، مثل الضحك والنجاح وزراعة الأمل، لذا فإن كل ما يحققه محمد صلاح يدفعنا حقيقة لأن نربى الأمل ونترقبه وننتظر طرحه، فتتبعنا له يحمل جانبًا شخصيًا لا ينكره أحد.
لذا سأقول عن محمد صلاح ما قلته فى مقالة سابقة بعنوان «محمد صلاح.. يعيد اكتشاف شخصية مصر».. يحب المصريون محمد صلاح ليس لأنه لاعب كرة قدم يربح المال، فمصر بها الكثير من لاعبى الكرة الذين يربحون الكثير من المال، وبعضهم احترف فى أندية عالمية، لكن الميزة التى يحبها الناس فى صلاح أنه «يشبههم كثيرًا»، وأنه تجاوز الخطوط الحمراء التى كان يظن البعض أنها آخر ما يعرفه المصريون عن الأحلام والاستطاعة.
ما فعله محمد صلاح هو أنه أعاد مرة أخرى كتابة الشخصية المصرية، فكلنا يتذكر ما حدث فى ثورة 25 يناير 2011، حيث كانت الاستفادة الأساسية من هذه الثورة الإثبات للعالم بأن المصريين ليس لهم حد معين تتوقف عنده قدراتهم، هم يصنعون المستحيل عندما يريدون ذلك، وها هو محمد صلاح يفعل ذلك، ويؤكد أن شخصية مصر أقوى مما نظن، وأن أبناءها يجيدون التحليق.
نحب محمد صلاح لأننا نعرف أنه أكثر من موهبة، هو إيمان بالموهبة وتصديق لها، وربما ذلك ما ينقصنا حقًا، أكثرنا يكتفى ببداية الحلم، يرى أن ما حققه «كثير وجيد وجميل»، ويصبح كل همه كيف يحافظ على ما حققه الذين يتجاوزن «الآن» عددهم قليل، وصلاح لم يكتفِ بأن يلعب فى أقوى الدوريات الأوروبية، بل سعى أن يكون أفضل لاعب فى أفريقيا، وبالتأكيد يسعى ليكون الأفضل فى العالم، وهو يستحق.
علموا الأطفال فى الشوارع نموذج محمد صلاح، ضعوا صوره على أغلفة الكتب، وابحثوا عن الحالمين والمستعدين لتصديق حلمهم فى مصر.. وما أكثرهم.