فى الأسبوع الماضى، وتحت عنوان «حماية اللغة العربية» انطلق المؤتمر السنوى الدولى لمجمع اللغة العربية، والذى يحمل رقم أربعة وثمانين فى تاريخ هذا الصرح الكبير الذى لا تقل أهميته فى مصر عن مشيخة الأزهر الشريف، لكن للمرة الأولى لم يحضر وزير التعليم العالى ولم يوكل أحدًا للحضور بدلا منه وكأنه لا يعلم بوجود المؤتمر أو علم ولم يهتم.
يمكن لنا أن نفهم فداحة ما قام به الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، والضرر الذى ترتب من هذا الغياب إذا ما تنبهنا جيدا لما يحدث فى دول الخليج العربى التى تتحرك للأمام ثقافيا حتى أننا صرنا، أحيانا ننبهر بما يفعلون، ونتطلع إليهم كنموذج ناجح فى المهرجانات والفعاليات ومعارض الكتب، ولو تأملنا ذلك جيدا سوف نجد أن جزءا من النجاحات التى يحققونها تكمن فى قيام كبار المسؤولين ورجال الدولة هناك بالمشاركة فى مثل هذه الفعاليات مما يعكس اهتمامهم بالثقافة إلى الآخرين وبالتالى تحقق الفعالية دورها المطلوب منها.
يمكن لنا أيضا أن نعرف حجم المشكلة وقدر الخسارة التى يمثلها غياب وزير التعليم العالى والبحث العلمى عن المؤتمرات الكبرى التى تكرس اسم مصر ثقافيا إذا ما تابعنا فى الثقافة العالمية أنه مؤخرا تم افتتاح معرضٍ لتاريخ قناة السويس فى باريس أقامه معهد العالم العربى هناك، حضره كل من وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، ووزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نايسين، بحضور كل من جان ايف لودريان، وزير الخارجية الفرنسى والسفير إيهاب بدوى، سفير مصر لدى فرنسا، مع أن وزيرة الثقافة الفرنسية كان يمكن أن تقول إنه مجرد «معرض» لكن لأن فرنسا فى الموضوع ولأن حفر قناة السويس قام به «ديليسبس» الفرنسى فإن الأمر يمس فرنسا ووجودها فى العالم لذا فإن وجودها ضرورى.
وإذا ما فهمنا هذين الموقفين اللذين ذكرتهما سابقا وقسنا عليهما أشياء أخرى كثيرة سوف نعرف أن غياب وزير التعليم العالى عن مؤتمر مجمع اللغة العربية دلالة غير طيبة وتحتاج إلى وقفة مهمة، فالأمر يتجاوز فكرة مؤتمر يتحدث عن اللغة العربية وحمايتها، ويدخل فيما يسمى فى محافظة مصر على دورها التاريخى فى ظل سعى الآخرين لإيجاد أماكن لأنفسهم تحت الشمس، وهذا حقهم، ومن حقنا نحن ألا نتخلى عن دورنا لأن الأجيال المقبلة لن ترحمنا.