نحن الآن فى موسم المزايدة، وإطلاق المبادرات الخيالية، أو بمعنى أدق المبادرات مدفوعة الأجر، مثل تلك التى أطلقها قبل أيام شخص من المفترض أنه محسوب على الدولة إعلاميا، لكنه معروف للجميع أنه عراب الصفقات والمبادرات منذ أن تخلى عن مبارك، ولى نعمته، وأطلق حينها ما أسماه بـ«الخروج الآمن»، واليوم آخر ما تفضل به علينا هو الظهور على إحدى الفضائيات ممهداً لدعوة يخبئها تتعلق بالمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية.
هو بدأ الأمر بالدعوة إلى فتح حوار لمحاولة إقناع بعض المتعاطفين مع جماعة الإخوان، ممن لم ينضموا إلى الجماعة أو تتلوث أيديهم بالدماء، وبالطبع إذا قبلنا ما يقوله، ففى اليوم التالى سيدعونا للحوار مع قيادات الجماعة الإرهابية، وقد يصل به الحال إلى إشراكهم مرة أخرى فى الحياة السياسية المصرية، وإطلاق سراح المحبوسين على ذمة قضايا جنائية تتعلق بقتل وترهيب المصريين الأبرياء، وقد يصل به الشطط إلى إعادة المعزول محمد مرسى مرة أخرى، لما لا وهو معروف عنه عدم الاستقامة فى شىء إلا الترويج لما يقترحه الغرب، والغرب هنا يشمل بريطانيا والولايات المتحدة ودولاً أخرى يرتبط بها هذا الشخص ارتباطا وثيقاً.
بعيداً عن هذا الشخص وما يقترحه فى أوقات تثير الريبة والشك حوله، وحول كل تصرفاته، فالمؤكد الذى يجب أن يكون واضحاً للجميع أن أى دعوة للتصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية أو من يسمون أنفسهم بالمتعاطفين معهم هى دعوة مرفوضة تماماً، فهى فى الأساس مدفوعة الأجر، ونعلم جميعاً من يقف خلفها ومن يمولها، والشعب المصرى بأكمله يرفض حتى طرح الفكرة للنقاش، لأنه لن يقبل المصالحة مع من قتلوا المصريين، وجريمة القتل هنا لا تقتصر فقط على من أمسك السلاح ووجهه لصدورنا جميعاً، بل أيضاً من مول وخطط وأفتى وصمت على هذه الجرائم، بما فيهم فئة «المتعاطفين»، التى لا أجد توصيفاً يليق بهم إلا أنهم إخوان، فلا يوجد فى قاموس السياسة لفظ متعاطف، يوجد فقط إخوان أو غير إخوان، فالمتعاطف لا تقل جريمته عمن حمل السلاح وقتل ودمر، فكلاهما على باطل، ونحن لا يمكن أبداً أن نقبل المصالحة مع الباطل.
الإخوان جماعة إرهابية، وستظل حتى وإن حاولت المراوغة للهروب من الواقع، أو الوقوف خلف ستار مزيف يحمله عرابين مبادرات القتل والتدمير، كما أن المتعاطفين معهم لا يقلون عنهم جرما بل هم أشد جرماً، وكذلك من يروّجون للمصالحة فهم أيضاً جزء من المخطط الإخوانى القذر الذى يريد أن يعود إلى الحياة مرة أخرى، وكأن شيئاً لم يحدث، وحتى يفرضوا سيطرتهم وسطوتهم على الشعب مرة أخرى، بعدما لفظهم المصريون فى 30 يونيو 2013، لكنهم الآن يحلمون بالعودة مجدداً برعاية غربية كاملة، وتمهيد من عرابين مشكوك فى انتمائهم.
المصالحة مع القتلة مرفوضة، وهذا أمر لا جدال فيه، وإذا كان هذا العراب أو غيره لديهم بصيص من الأمل فى أن يعودوا للساحة مجدداً على جثث شهدائنا الذين ضحوا بأرواحهم لكى تبقى مصر آمنة، فعليه أن يستفيق سريعاً من غفلته، وأن يعيد تقييم نفسه قبل مبادرته الخبيثة، وأنصحه هو ومن على شاكلته بأن يقرأوا التاريخ جيداً، ليدركوا أنهم يدافعون عن جماعة تأخذ الغدر منهجاً لعملها وسياساتها، كما عليه أن يعيد قراءة سير شهدائنا، من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين الأبرياء، عله يعود إلى الصواب، فلا يصح أن نتجاهل تضحيات هؤلاء الأبطال، ونقول حان وقت المصالحة مع القتلة والإرهابيين.
على دعاة المصالحة مع الإرهابيين أن ينظروا إلى وجوه أبناء الشهداء وزوجاتهم وأبائهم وأمهاتهم قبل أن يطلقون من أفواههم مبادرات يحاسبون عليها، فأسر الشهداء هم ممن يملكون القرار، وليس أنت يا من تحركك المصالح الشخصية، وإذا لم تقتنع بكل هؤلاء، فعليك أن تختار الصمت للأبد، لأن أحاديثك مرفوضة ومبادراتك مفضوحة ومكشوفة، ولن تجد من يستمع لك.. أصمت للأبد لأنه لا مصالحة مع القتلة ولو بعد حين مادامت قلوب الرجال تنبض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة