بحسب اتفاق الرئيسين «عبدالفتاح السيسى»، رئيس جمهورية مصر العربية، و«إيمانويل ماكرون»، رئيس الجمهورية الفرنسية، فإن العام المقبل 2019 هو عام الثقافة المصرى الفرنسى، وفى الحقيقة فإنى أتطلع لأن تحصد مصر ثمارا ثقافية حقيقية من هذا العام، وقد قلت سابقا إن التفكير فى الثقافة باعتبارها معبرا ناعما للتقارب بين الشعوب أمر غاية فى الصواب، خاصة أن الإنسان فى الأساس عبارة عن محصلة ثقافية لما يمر به فى حياته، وفى الحقيقة فإنى لا أريد هنا أن يأتى العام الثقافى ويذهب العام الثقافى بشكل «بروتوكولى» «محض»، بل أريد أن تستفيد منه مصر، وفقا لطاقتها الاستيعابية القصوى، ليس على المستوى الاحتفالى «الفعالياتى» فحسب، وإنما على المستوى «البنيوى» أيضا، بما يحدث فارقا فى الصورة الذهنية لدى الشعبين، وبما ينعكس بالإيجاب على الثقافتين.
لماذا لا نفكر مثلا فى أن يتحول هذا العام إلى نقطة انطلاق ثقافية لجيل بأكمله عن طريق استضافة فرنسا لـ100 مثقف مصرى لمدة عام واستضافة مصر لـ100 مثقف فرنسى لمدة عام، عام بأكمله يتنقل فيه المثقفون بين المسارح والمتاحف والسينمات وقاعات الموسيقى المختلفة والجامعات وشركات الإنتاج والجاليريهات؟ لماذا لا نتيح لشبابنا فرصة حقيقية ليرى الآخر بشكل حقيقى ويعرف موقع قدمه بشكل حقيقى بعيدا عن نظريات المؤامرة وخطاب الأنا والآخر وضغائن الأجيال المتوارثة أو انبهاراتهم؟
لماذا لا نفكر مثلا فى أن يتحول هذا العام إلى عام تطوير البنية التحتية الثقافية على الطريقة الفرنسية؟ بأن نتعلم ما ينقصنا من خبرات مختلفة سواء فى عالم النشر أو عالم الفن أو عالم الموسيقى؟ لماذا لا نستعين بخبرات الفرنسيين فى مناهج البحث وحرفية التعامل مع المعلومات؟ لماذا لا نتعلم «أرشفة» تاريخنا مثلما يؤرشف الفرنسيون تاريخهم؟
لماذا لا نستغل هذه الفرصة ونتعلم من الفرنسيين كيف جعلوا متاحفهم بيوتا وبيوتهم متاحف، بينما جعلنا متاحفنا قبورا وبيوتنا مقالب، لماذا لا نتعلم أن نستفيد ماديا وأدبيا من هذه المتاحف، بينما نحن مازلنا ننظر إليها باعتبارها عبئا على الميزانية؟
عشرات المجالات، بل قل «مئات»، من الممكن أن يستفيد بها الشعبان، بالإضافة إلى الاحتفاليات المتعارف عليها، ولكن ما يبقى فى الأرض أبقى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة