لا تزال أزمة تراكم القمامة فى الشوارع بجميع أحياء القاهرة والمدن القريبة منها مستمرة بلا توقف، ومنذ أكثر من عشرين عاما والدولة المصرية تحاول التخلص من القمامة، ووضع منظومة آمنة للتخلص من النفايات المنزلية فقط، وليس المخلفات الصناعية والزراعية، فكلاهما أمر مختلف تماما، وما نعانى منه فى الشارع المصرى من تراكم لتلال القمامة بكل ما تحمل من تشويه وتلوث، وقد يندهش البعض إذا علم أن مصر بها نحو أربعين مصنع لإعادة تدوير المخلفات، وهذه المصانع موزعة بين عدد من المحافظات وليست مركزة حول محافظة القاهرة فقط.
لكن المؤكد أنه لا يوجد فى الدولة المصرية منظومة واضحة المعالم والهدف لجمع القمامة من المنازل أو مراكز التجميع فى الشوارع، وفشلت كل الشركات الأجنبية فى التعامل مع هذا الملف للعديد من الأسباب بدءا من عدم تأهيل المجتمع للتعامل مع مثل هذه الشركات، وصولا لأزمة سرقة المخلفات وما عرف بأزمة النباشين ووفقا لنظم التنمية البيئية الاسترشادية فإننا لن نستطيع أن نتخلص من أزمة تراكم القمامة فى الشوارع إلا من خلال منظومة اقتصادية محددة تدفع المستثمرين للاتجاه للاستثمار فى هذا القطاع، بالشكل الذى يمثل قيمة مضافة للمجتمع بداية من فرص العمل ونهاية بتحقيق الأرباح لجميع أطراف المنظومة، وطبقا للبيانات الرسمية فإن متوسط إنتاج الفرد الواحد من القمامة يصل إلى طن سنويا، وهو ما يعنى أن الأسرة المكونة من ثلاثة أفراد تخلف ورائها نحو ثلاثة أطنان من القمامة سنويا، فى حين أن التخلص الآمن من القمامة يمثل عشرين بالمائة فقط من حجم القمامة، بينما يتم تدوير ما يقرب من خمسة عشر بالمائة، والباقى يتم التخلص منه بشكل سيئ مثل الحرق والإلقاء فى الترع والمصارف، كما أن المعدات الحالية لا تلبى غير نحو أربعين بالمائة من الاحتياجات، ومعظم العمالة غير متخصصة وغير مؤمن عليها وهو ما يعرضها للإصابة بالأمراض نظرا لأن الموارد المالية غير كافية.
وضعت وزارة الاستثمار على الخريطة الاستثمارية الجديدة لها نشاط إعادة تدوير المخلفات ضمن الأنشطة المتاحة فى كثير من المناطق الصناعية المنتشرة فى جميع المحافظات والمدن الجديدة، وهذه المصانع قد تساعد فى حل الأزمة نظرا لأن تشغيل مصانع إعادة تدوير القمامة سيفرض على السوق طلب عليها، وهو ما يدفع بظهور موردين لهذه المصانع يقوموا بتغذية المصانع بالمخلفات التى يتخصص كل مصنع فى معالجتها وإعادة تدويرها، ويتطلب لنجاح هذه المنظومة أن يزيد عدد العاملين المدربين فى الجمع المنزلى للقمامة، وزيادة عدد سيارات المتخصصة فى نقل القمامة من مراكز تجميعها فى الشارع إلى مناطق التجميع والفرز.
ويتماشى مع ذلك الدور التوعوى للمجتمع ليتكامل مع هذه المنظومة حتى يتم التعامل الأمثل مع تلك الأزمة المزمنة والتخلص منها بشكل دورى ومنتظم، وحين تكتمل هذه المنظومة الاجتماعية الاقتصادية باعتبارها خدمة ودورة رأس مال، سيقتصر دور الحكومة على أمر واحد هو تنظيم هذه الخدمة ومراقبة تنفيذها وتذليل العقبات التى قد تعوق تنفيذها عمليا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة