هل كان السلطان العثمانى المزيف رجب طيب أردوغان يعلم أن شعاراته السياسية، التى تعكس جنون العظمة ستنقلب عليه سريعا؟ هل كان يعلم أن ممارساته التعسفية بحق المعارضة واختطافه الدولة التركية إلى الشمولية المقيتة والمغامرات العسكرية الطائشة ومعاداة الدول الأوروبية، وتدخله بالسلب فى السياسات الاقتصادية، ستؤدى فى النهاية إلى انقلاب الأتراك عليه لشعورهم بمدى التدهور الذى يجلبه على الأتراك ودولتهم التى كانت نمرا اقتصاديا ومرشحا قويا لعضوية الاتحاد الأوروبى.
أردوغان فى معرض تباهيه بسلطاته الشمولية وادعائه أن الأغلبية الساحقة من الأتراك تؤيده، أعلن وسط أعضاء حزبه أن المعارضة لا هم لها إلا تدميره شخصيا، وأن الشعب التركى لو قال له يوما كفى، ارحل «بالتركية TAMAM» سيرحل على الفور، وفور إعلان أردوغان هذا التصريح الواثق، تدافع أكثر من مليونى تركى لإعلان رغبتهم فى رحيل الديكتاتور الشمولى، عبر هاشتاج على الإنترنت ولافتات فى الشوارع وأعلام على البيوت، حتى أصبحت «TAMAM» تلخيصا لرغبة الأتراك فى بدء عصر جديد مع إدارة جديدة تعزز قيم الديمقراطية والدولة المدنية التى اختطفها أردوغان وحزبه، وتسبب فى تكبيد الدولة التركية خسائر فادحة على المستويات السياسية والاقتصادية والدولية.
أهمية «TAMAM» التركية المرفوعة فى وجه السلطان العثمانى المزيف أنها تأتى قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التى قدم موعدها أردوغان نفسه، ليكون 24 يونيو المقبل بدلا من إجرائها فى نوفمبر 2019، استعجالا منه لتطبيق النظام الرئاسى الشمولى، الذى طبخه واستطاع تمريره فى البرلمان وسط غبار تمثيلية الانقلاب عليه، التى أطاح فيها بأبرز خصومه ومعارضيه من كل التيارات ومن مؤسسات الدولة دون أدنى معايير للقانون وحقوق الإنسان، وكل ذلك ليحقق حلمه، ويستعيد أجواء الدولة العثمانية السلطانية وعصرها الاستبدادى الشمولى.
وحتى لو استطاع أردوغان وحزبه الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، ستكون سنوات حكمه المقبلة غير مستقرة، وربما لن يستكملها بفعل تنامى الغضب الشعبى وتدهور الأوضاع الاقتصادية وشعور المواطن التركى أنه بات معزولا عن أوروبا والعالم بفعل السياسات المتهورة التى ينتهجها السلطان العثمانى المزيف، والتى تنذر بتفاقم التمزق فى المجتمع التركى، فالحزب الحاكم يلجأ للدعاية الهتلرية الديماجوجية وإيقاظ النزعة القومية، ليتمكن من سحق معارضيه والمضى فى سلسلة المعارك التى يخوضها، دون حساب العواقب الداخلية والدولية.
ومن المعارك الخاسرة التى يخوضها أردوغان بعناد شديد، دعمه للفصائل والتنظيمات الإرهابية، وفى مقدمتها تنظيم داعش، وكذا تدخله فى شؤون الدول العربية المعتدلة، الأمر الذى يضع تركيا فى عزلة عربية لا يكسرها تحالف المهزومين فى معارك سوريا، وبالمثل ينحدر أردوغان وحزبه إلى عزلة أوروبية كاملة، ومؤخرا أصدر البرلمان الأوروبى قرارا بالأغلبية بتجميد المفاوضات مع أنقرة للانضمام للاتحاد الأوروبى، وحجمت تمدد الجاليات التركية على أراضيها ومحاولة أردوغان تجاوز الحدود والتواصل مع أتراك أوروبا مباشرة.
نعم قد ينجح أردوغان فى الهيمنة والاستبداد واحتكار السلطات وتقويض المعارضة وتكميم أفواه الكتاب والصحفيين، كما قد ينجح فى فرض سياسات الخوف والتخويف من الأكراد والأقليات على الشعب التركى، لكن نجاحه هذا محكوم عليه أن ينتهى سريعا بعد أن يدرك الأتراك الفخاخ التى أوقعهم فيها الديكتاتور المتعطش للسلطة، وساعتها لن يكتفى مليونين من الأتراك برفع شعار «TAMAM» ولكن الشعار سيكون الهتاف الجامع لعموم الشعب التركى فى مواجهة الشمولية.