ضغوط المتشددين تحاصر الرئيس الإيرانى من كل الجهات، ففى الخارج يخوض حسن روحانى وفريقه الدبلوماسى معركة مع الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووى لانتزاع ضمانات قوية، وفى الداخل يخوض معركة أكبر مع التيار المتشدد الذى رشقه بسهامه منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووى مساء الثلاثاء الماضى.
على مستويات مختلفة يتحرك روحانى لاختبار ماذا كانت الاتفاق الذى اعتبره أحد أبرز إنجازات ولايته الأولى التى امتدت من (2013-2017) سيظل صامدا على قيد الحياة أم أنه يقضى أيامه الأخيرة، ومن أجل هذا الهدف سافر مهندس الصفقة النووية وزير الخارجية محمد جواد ظريف فى جولة تشمل كلا من الصين وروسيا وبلجيكا، باحثة عن ضمانات قوية ترضى مخاوف الزعيم الأعلى على خامنئى، والذى شدد على وجوب انتزاع ضمانات قوية من الأطراف الأوروبية عقب قرار الانسحاب الأمريكى.
ومن أجل بحث مستقبل الاتفاق بعد انسحاب واشنطن فضلا عن بحث تداعيات القرار على مختلف المجالات وعلى رأسها الاقتصادية لمواجهة النتائج المترتبة عليه، وصل وزير الخارجية الإيرانى اليوم إلى الصين، فى أولى محطاته.
وفى بكين عقد ظريف مشارورات مع نظيره الصينى وانغ يى، للمشاورات حول سبل استمرار التزام طهران بالاتفاق النووى والضمانات التي قد تقدمها الأطراف الدولية الفاعلة بما يحفظ مصالح الشعب الإيرانى، وأعرب جواد ظريف عن استعداد طهران لجميع الخيارات على صعيد ملفها النووى، مؤكدا أن استمرار الاتفاق النووى مرهون بضمان مصالح إيران.
وقال ظريف اليوم فى بكين: "الاتحاد الأوروبى كان الأكثر طلبا من إيران، ودعا إلى بقاء إيران فى الاتفاق النووى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه"، متابعًا: "على الدول الأوروبية أن تضمن لنا أنه على الرغم من انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى، فإن مصالح الشعب الإيرانى ستستمر فى الحفاظ عليها".
وأشار وزير الخارجية الإيرانى، إلى العلاقات الجيدة بين إيران والصين قبل الاتفاق النووى وبعد الاتفاق النووى، مضيفا أن الصين أفضل شريك تجارى لإيران رغم بعدها الجغرافى، متابعًا: "اليوم نحن واثقون من أن الصينيين سيكونون معنا".
وقال ظريف: "بالنسبة لنا المفاوضات مع خمسة ناقص واحد زائد واحد أو مع مجموعة 5، قد بدأناها مع أصدقائنا، الصين هى واحدة من أقرب الأصدقاء لإيران، واليوم سنتحدث حول حصول ايران على مصالحها في الاتفاق النووى بعد انسحاب أمريكا". مستطردًا: "علاقات إيران مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبى كانت طيبة وإيجابية على الدوام... بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى ستزداد أهميتها".
وستكون المحطة الثانية فى جولة ظريف هذه موسكو، حيث سيبحث مع المسؤولين الروس قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق ومصيره.وسيغادر ظريف موسكو إلى بروكسل، يوم الثلاثاء المقبل، للاجتماع مع نظرائه من فرنسا وألمانيا وبريطانيا ومسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موجيريني.
أما فى الداخل الإيرانى، لازالت مؤسسات الحكم تناقش تداعيات القرار الأمريكى، إضافة إلى مواصلة المتشددين ضغوطهم على الرئيس المحسوب على المعتدلين حسن روحانى، فقد أكد مجلس خبراء القيادة الذى يتمتع بنفوذ قوى فى قيادة العملية السياسية في إيران ويهيمن عليه رجال الدين المتشددين، اليوم الأحد، أن بقاء ايران في الاتفاق دون الحصول على ضمانات يتعارض مع المصالح الوطنية.
وحاول المجلس، أن يلقى باللوم على روحانى وفريقه الدبلوماسى، ففي بيان أصدر اليوم قال إن المرشد الأعلى كان غير متفائلا بنتيجة المفاوضات، وقد وافق على الاتفاق النووى تلبية لإصرار الحكومة وبهدف إيجاد تجربة أخرى للشعب الايراني.
واتهم البيات الجهاز الدبلوماسى بعدم مراعاة الخطوط الحمراء التى حددها خامنئى، مشدد على أن بقاء إيران فى الاتفاق ودون الحصول على ضمانات صريحة وواضحة لن يضمن المصالح الوطنية.
وفى الوقت الذى يخوض فيه ظريف معركة خارجية كبرى مع الأوروبيين، قال مجلس الخبراء، إن إيران لا تثق فى الجانب الأوروبى فى الاستمرار بالاتفاق النووى، معتبرًا أن هناك نوعا من تقسيم المهام بين واشنطن والأوروبيين، مؤكدًا على أن لم يتمكنوا من أخذ الضمانات القوية فإن الانسحاب من الاتفاق النووى، سيكون واجبا شرعيا وقانونيا.
كما دعا المجلس البرلمان الى مناقشة الموضوع للرد على القرار الأمريكى، كما دعا الحكومة الإيرانية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم شكوى ضد الإدارة الأمريكية فى الأوساط الحقوقية والقانونية الدولية.
وفى ختام البيان، طالب مجلس خبراء القيادة، من الرئيس حسن روحانى تقديم اعتذار صريح إلى الشعب بشأن الاضرار التى لحقت بالاتفاق النووى، جراء عدم مراعاة الخطوط الحمراء، في عدم أخذ الضمانات اللازمة وعدم مراعاة الإجراءات المنتظرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة