لم يكن يخطر على بال أحد، أن أول مطابع استخدمت فى جامعة الإسكندرية سنة 1952، تعود مرة أخرى للظهور، بعد أن اختبأت لسنوات طويلة فى مبنى متهالك، وعندما تم العثور عليها، كانت ستباع كخردة بالكيلو هى وحروفها وأبجدياتها، ولكنها الآن عادت هى ونظيراتها المصنوعة منذ عام 1850 لتصبح مزارًا تاريخيًا، يسجل حكايات المطبوعات المكتوبة بالعربية والانجليزية، التى ساهمت فى النهوض بمطبوعات الكليات والمعاهد المختلفة التابعة للجامعة، ويؤرخ لتاريخ الطباعة على مستوى العالم، ويعتبر جزء من ذاكرة جامعة الإسكندرية.
تاريخ هذه المطبعة التى استقرت الآن بماكيناتها وحروفها وأدواتها، فى أبهى صورها، داخل متحف يتبع إدارة الجامعة، يحكيها الدكتور محمود سيف، الأستاذ فى كلية الفنون الجميلة ومدير متحف مطبعة جامعة الإسكندرية، قائلًا: فكرة افتتاح المطبعة جاء من قبل رئيس الجامعة الدكتور عصام الكردى، وذلك بعد جرد مقتنيات المبنى الإدارى المتهالك الموجود فى مجمع الكليات الإنسانية، وتبين وجود المطبعة، وتم عرض بيعها كخردة، بالكيلو، سواء كانت المطبعة أو حروفها وأدواتها، فتم التفكير فى إعادة تشكيلها، وجعلها تعبر عن تاريخ جامعة الإسكندرية التى أنشأت سنة 1942.
ويتابع الدكتور سيف: جامعة الإسكندرية منذ إنشائها ظلت تستعين فى نشر مطبوعاتها بالمطابع الحكومية وبعض المطابع الأهلية، حتى سنة 1952 ، حتى جاء الدكتور مصطفى عامر، رئيس الجامعة آنذاك، وقام بشراء مطبعة خاصة بملجأ الحرية، والتى كانت نواة لمطبعة الجامعة، حيث تم إمدادها بالآلات والماكينات الحديثة والحروف العربية و الافرنجية، حتى تستطيع النهوض بمطبوعات الكلية و المعاهد المختلفة.
وقال الدكتور سيف، إن ما تتميز به مطبعة جامعة الإسكندرية عن غيرها من المطابع هى أن تجمع بين الألمانى والانجليزى، وغيره، خلافًا للجامعات الألمانية التى تحتفظ بالألمانى فقط أو جامعات انجلترا التى تحتفظ بالإنجليزى فقط، بالإضافة إلى مستلزمات المطابع من حروف سواء كانت متغيرة تستخدم لطباعة المادة العلمية أو الكتاب، أو اكليشيهات واحدة، مشيرا إلى أن هذه المستلزمات كان يتم تسبيكها وتصينعها خصيصًا لخدمة هذه المطابع.
وأعلن سيف، أن المتحف سيكون مفتوحا للجميع لزيارته سواء من خارج الجامعة أو الطلاب، وبالإضافة إلى أن وجوده يعنى حفظ التراث، فهو أيضًا سيكون لتعليم طلاب الفنون الجميلة تاريخ وكيفية الطباعة والإعداد الخاصة بها، و تشكيل الصفحات فيها، وتعليم طلاب الهندسة، على "الميكانيزم" الموجودة فيها وكيفية حركاتها وغيرها من الأمور التى تهتم بها دراسة الهندسة.
من جانبه، قال الدكتور عصام الكردى، رئيس جامعة الإسكندرية، إن المطبعة شهدت طفرة تكنولوجية وفنية عندما انتقلت إلى مقرها الحالى، حيث تم تجديد آلاتها وتزويدها بأحدث المطابع، وواكبت فى ذلك التطور الذى شهده فن الطباعة، وأصبحت تزود الجامعة، بالكثير من المطبوعات والإصدارات منها الكتاب التذكارى عن اليوبيل الماسى الذى يتحدث عن نشأة الجامعة وتطورها ويقدم عرضًا وافيًا لكليات الجامعة ومعاهدها وكتابًا أكاديميًا آخر عن جامعة الإسكندرية منارة العلم و المعرفة.
وأكد الكردى، أن المطبعة تعمل الآن على إصدار سجل بأعلام الجامعة عبر تاريخها الطويل، مشيرًا إلى أن الجامعة فى ذلك تضاهى كثيرًا من الجامعات فى الدول المتقدمة والتى يشتهر بعضها بمطبعتها الخاصة التى تعمل على طبع ونشر وتوزيع المطبوعات الجامعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة