سليمان شفيق

ماذا ترك خالد لليسار ولمصر والعالم؟

الإثنين، 14 مايو 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرون كتبوا عن خالد محيى الدين من 1948 وحتى 1956، وقليلون تعرضوا لدوره التأسيسى للتجمع وقيادته، ولكن نادرون من تناولوا رؤية خالد الإنسان، ودوره فى مؤازرة الحزب الشيوعى المصرى، ولا أحد تناول حتى الآن السؤال : ماذا لليسار ولمصر بعد خالد محيى الدين؟
 
نبدأ بالأسهل: خالد الإنسان، كنت من أوائل من تعرفوا عليه قبل تأسيس التجمع، فى ديسمبر 1975، عن طريق رفعت السعيد، وكان قد أرسلنى له الراحل زكى مراد، وعن طريقهما عملت فى لجنة السلام بالدور التاسع باللجنة المركزية، أذكر أول سؤال منه: «هل تعرف زكى مراد؟» فهمت، وأجبت: «طبعا»، نادى على سكرتيرته نبوية وقال لها سليمان مساعدك فى الشؤون السياسية، وكان مرتبى حينذاك 12 جنيها وكنت مفصولا من الجامعة، لم يكن معه سوى رفعت السعيد، وعم محمد الفراش، وعم عراقى، وكنا نسميه «من العساكر الأحرار» نظرا لأنه كان مع خالد ليلة الثورة، وبعد تأسيس «المنبر» جاء إلينا الزميل العزيز محمود حامد.
 
منذ تأسيس التجمع وحتى القبض علىّ فى يناير 1977، أتذكر أنه بعد أن أفرج عنى بكفالة 20 جنيها دفعتها لى الراحلة فتحية زوجة زكى مراد، خرجت مع محمود حامد نحرس ونسهر، وكان هناك شاب جميل يدعى محمد سعيد يكتب على الآلة الكاتبة قبض عليه، وبعدها صار من حراس اليسار، كان التجمع يعطينى 10 جنيهات وخالد محيى الدين يعطينى شهريا من جيبه الخاص عشرة أخرى، وحينما تعرفت على زوجتى الراحلة مريم، كلم قريبها فوزى حيشى ليضمننى للزواج منها، وكلف رفعت السعيد بالذهاب معى لخطبتها، وأعطانى 500 جنيها وفستان الفرح من زوجته السيدة سميرة محيى الدين لزوجتى، ونصحنى وساعدنى للسفر لموسكو مع زوجتى للدراسة، مؤكدا لى ضرورة أن أكون مثل د.
 
رفعت السعيد الذى أنهى دراسته حتى الدكتوراه، بعد أن خرج من السجن، وحضر فرحى وأعطى لى ولزوجتى مائة جنيه، وبعدها سافرت إلى موسكو، وفى كل زيارة كان يقابلنى ويعطينى مبلغا من المال ويوصى السوفيت علىّ.
 
أما عن علاقة خالد محيى الدين بالحزب الشيوعى المصرى، فتمت عبر ثلاثة «رفعت السعيد وزكى مراد وأحمد الرفاعى» وكان كل من زكى مراد ورفعت السعيد حينذاك عضوين فيما سمى بالسكرتارية المركزية للحزب الشيوعى، ومن داخل الحزب كان هناك اتجاه من «الدكاترة فؤاد مرسى وزير التموين الأسبق وإسماعيل صبرى وزير التخطيط الأسبق وآخرون أغلبهم من قادة أحزاب شيوعية سابقة قبل الحل» يطالبون باستقلال التجمع عن الحزب الشيوعى المصرى وللحقيقة كان أعضاء الحزب الشيوعى تقريبا كل المتفرغين فى التجمع، وأنا منهم، ومارس خالد محيى الدين دورا محوريا فى فك النزاع، والتقريب بين وجهات النظر، وبعدها تمت تحولات حقيقية ليس فى برنامج التجمع بل فى المعارضة بالاشتباك وسياسة «الأسقف المنخفضة» التى قادها د. رفعت السعيد، ويحتاج الأمر إلى دراسة خاصة حول دور خالد ورفعت فى ذلك، ولكن كل ما أستطيع أن أجزم به أن علاقة خالد ورفعت كانت مصيرية، وليس غريبا أن يكون رفعت السعيد دائما لسان حال خالد محيى الدين.
 
يبقى السؤال: ماذا لليسار ولمصر بعد خالد؟ لعل مقال الزميل أكرم القصاص بـ«اليوم السابع» الثلاثاء الماضى: «أزمة السياسة واليسار واليمين» وما ذكره من أن أفضل فترات الأحزاب كانت من 1982/1992 يجيب على هذا السؤال، حيث أضاف: «لكن اللافت للنظر أن أحزابا متعددة ظهرت ترفع شعارات اليسار، لكنها ظلت مجرد أرقام وبقيت صيغة التجمع التى أنجزها خالد محيى الدين هى أنجح الصيغ حتى الآن، ونفس الأمر فيما يتعلق بأزمة السياسة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار»، ومع احترامى للجميع، فعلا خرج ما سمى بالتحالف الشعبى بلا رؤية سوى مشروع الضد، وأبقى الرفاق الشيوعيون على الاسم بدون مسمى، وتناحر الناصريون، وانفرد الحزب المصرى الاجتماعى برؤية اليسار الاجتماعى دون تجسيد لها، ولم يلتفت أحد إلى أن مصر ظلت طوال 1920/1952 أسيرة الوفد وانشقاقاته، ومن 1976 ديمقراطية مصطنعة مقيدة حماها قيادات تاريخية مثل خالد ورفعت وفؤاد مرسى وإسماعيل صبرى وآخرين، وكانوا يتحلقون تأييدا أو معارضة للنظام كجزء منه بفضل رؤية «حدتو التاريخية» أو خبرات رجال دولة مثل د. سمير فياض أو وزراء يساريين سابقين «فؤاد مرسى وإسماعيل صبرى ويحيى الجمل... إلخ».
 
الآن لا أحد يدرس ذلك، ولا يعرف أن الحياة الحزبية لم تبدأ، وأن الدولة الآن أصبحت منسقا بين المجتمع والسوق ليس فى مصر بل العالم، وإلا من أين جاء ترامب فى أمريكا وفى فرنسا إيمانويل ماكرون... إلخ، وفى مصر هل لاحظتم عدد المرات التى قابل فيها الرئيس السيسى رؤساء الشركات العالمية ؟ ولا أريد أن ألغى السياسة ولكنها عادت إلى أصولها منطلقة من الاقتصاد، وأن ما تبقى من خالد محيى الدين هو صيغة «الحزب الجبهة» ذى المنطلقات الاقتصادية والمتعدد الأطراف وقواعده مؤسسات مجتمع مدنى «مثل أحزاب أمريكا الجنوبية» أو مؤسسات اقتصادية كأحزاب «أمريكا الشمالية»، أو مؤسسات شبابية مثل المشروع الرئاسى مثل «فرنسا»، وغير ذلك مجرد إعادة إدمان الفشل، رحم الله خالد محيى الدين وزمانه الماضى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة