الناس تراهن على الرئيس السيسى وتثق فيه ثقة مطلقة، هذه حقيقة لا تخطئها عين، وعندما فشلت «الجماعة إياها» أن تفسد هذه العلاقة الخاصة بين الرئيس والشعب، استداروا للشعب، وصبوا عليه لعناتهم، وسبابهم، ونعتوه بأسوأ السباب، وأن المصريين «فراعنة» يستحقون «فرعونا» ليحكمهم، معتبرين وصفنا بالفراعنة سبة.
رهان الشعب على الرئيس، قبل أن يصير رئيسا ولكنه كان منقذا، ظهر فى أحرج اللحظات، وأكثرها خطورة فى تاريخ مصر، عندما كاد الوطن أن يضيع، ويذهب بغير رجعة، ولبى السيسى النداء ووضع حياته على كفه، وأنقذ البلد.
ومنذ أن جاء السيسى بأمر الشعب، قرر فى أحاديث كثيرة أن تكون الصراحة هى لغة الخطاب بينه وبين والشعب، وراهن السيسى هو الآخر على الشعب، أى أنه رد على الرهان بمثله، راهن على وعى الشعب فى أوقات اختلط فيها الحابل بالنابل عمدا، فى أوقات خوض المعارك الشرسة مع الإرهاب فى كل محافظات مصر، وكانت التفجيرات الخسيسة تضرب هنا وهناك فى عمق مصر، لتعاقب المصريين على ثقتهم فى السيسى، حتى انحسر الإرهاب مدحورا فى جيوب يجرى تطهيرها فى سيناء الطاهرة.
راهن السيسى على الشعب عندما قرر أن يخوض معركة الإصلاح الاقتصادى فى وقت كان لديه من الذرائع والأسباب المنطقية أن تجعله يؤجل العلاج المر الذى بالتأكيد قد ينال من شعبيته، ولكنه دائما كان يقول: «أنتم يا مصريين عصاتى السحرية التى أستطيع بها أن أغير الواقع المر الذى ورثناه».
راهن على الشعب والجيش والشرطة وأطلق آلاف المشروعات فى أقل من 4 سنوات، فى وقت كانت تستغرق فيه عقودا فى الماضى، راهن على الشعب وتحدى العالم وافتتح قناة موازية لقناة السويس فى 11 شهرا فى وقت قالوا إن أسرع المعدلات العالمية تقول إنها يمكن أن تتم فى 5 سنوات.
الرئيس لم يخِب الشعب فى رهانه، والشعب كان عند حسن ثقة قيادته، وتمت المراحل الأولى من الإصلاح الاقتصادى بنجاح فاق توقعات المؤسسات الدولية، والآن كل المؤشرات تقول إننا فى طريقنا إلى أدق وأصعب مرحلة فى جراحة الإصلاح الاقتصادى، وربما تكون الأكثر ألما.. بدأت الجراحة بزيادة أسعار المترو، وهو ما ينعكس بالتبعية على رفع بقية أسعار النقل مثل السيرفيس باعتباره المؤشر الذى يعملون فى إطاره وكل المؤشرات تقول إننا فى طريقنا إلى تحرير لأسعار الطاقة، والكهرباء، والقطارات، وهو ما سوف ينعكس بالتبعية فى ارتفاع لأسعار كل شىء، على اعتبار أنها من تكاليف مستلزمات الإنتاج، ومن الطبيعى كما أقول دائما أن رفع سعر البنزين ينعكس فى سعر «ربطة الفجل والجرجير».
أين المواطن العادى والبسيط من كل هذا؟ وإذا كان تحمل حبا فى الرئيس وثقة فيه فيما مضى، فكيف يستمر هذا التحمل عن طيب خاطر فيما هو قادم على صعوبته؟
الإجابة هنا مرهونة بما تقول الحكومة إنها أعدت حزمة من الإجراءات التى تحمى بها الطبقات الأكثر احتياجا، وتقول إنها ستقدم علاوة غلاء لموظفى الحكومة، وستوسع مظلة الحماية الاجتماعية؟
هذا ما تعد به، وهو مرهون بالتنفيذ، ولكن إقدام الحكومة على رفض تطبيق حكم القضاء الإدارى فيما يتعلق برفضها ضم 85 % من علاوات أصحاب المعاشات ينبئ بسوء نية من الحكومة التى يراها المواطن أنها تتخلى عنه فى مواجهة ارتفاعات غير مبررة لأسعار كل شىء.
خلاصة الكلام، يجب على الحكومة أن تتأنى فى اندفاعها الجامح نحو تحرير أسعار كل شىء، معتمدة على رصيد حب السيسى فى قلوب المصريين وثقتهم فيه، نتفق على ضرورة الجراحة، ولكن بعض الجراحات الكبرى تستغرق وقتا أطول، وأحيانا تتم على مراحل حتى يتحملها المريض، خاصة إذا كان هذا المريض حالته متردية، ويعانى من أمراض مزمنة، عمرها عشرات السنين.
سؤال أخير، كتبت فيه كثيراً ولن أمل من الكتابة، ماذا عن الطبقة المتوسطة فى حسابات الحكومة؟ ومن هو فى رأى الحكومة من ينتمى إلى هذه الطبقة؟ وماذا تقدم له من مساكن، وتعليم وصحة؟ وأقول كما قال كل علماء الاجتماع السياسى، إن هذه الطبقة هى ميزان الأمان الاجتماعى لأى مجتمع وبقدر كبرها بقدر ما كان المجتمع مستقرا.
الشعب يثق فى الرئيس.. فماذا عن الحكومة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة