الإمام البوصيرى هو أبوعبد الله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجى البوصيرى، مصرى النشأة، مغربى الأصل، شاذلى الطريقة، ولد فى مدينة بنى سويف بمصر سنة 608 هجرية، ومعروف عنه أنه نذر حياته كلها لمحبة النبى الكريم، وأوقف شعره على مدحه.
تقول بعض الكتب إن الإمام البوصيرى أصيب بمرض «الشلل النصفى» فكتب قصيدته الشهيرة المعروفة بـ«البردة» ناوياً بها الاستشفاء، وبعد نظمه لها رأى فى منامه النبى عليه الصلاة والسلام، فقرأ عليه قصيدته تلك، فمسح النبى صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة على جسمه، فقام من نومه معافى بإذن الله تعالى.
أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمٍ مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ وأَومض البرق فى الظَّلْماءِ من إِضـمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتــا وما لقلبك إن قلت استفق يهــــمِ
أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتـــمٌ ما بين منسجم منه ومضْطَّــــــرمِ
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـللٍ ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلــــمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شــهدتْ به عليك عدول الدمع والســــقمِ
وأثبت الوجدُ خطَّى عبرةٍ وضــنىً مثل البهار على خديك والعنــــمِ
نعمْ سرى طيفُ منْ أهوى فأرقـنى والحب يعترض اللذات بالألــــمِ
يا لائمى فى الهوى العذرى معذرة منى إليك ولو أنصفت لم تلــــمِ
عَدتْكَ حالِى لا سِرِّى بمســـــتترٍ عن الوشاة ولا دائى بمنحســــمِ
محضْتنى النصح لكن لست أســمعهُ إن المحب عن العذال فى صــممِ
إنى اتهمت نصيحَ الشيب فى عذَلٍ والشيبُ أبعدُ فى نصح عن التهــم
فإنَّ أمَارتى بالسوءِ ما أتعظـــتْ من جهلها بنذير الشيب والهـــرمِ
ولا أعدّتْ من الفعل الجميل قـرى ضيفٍ ألمّ برأسى غيرَ محتشـــم
لو كنتُ أعلم أنى ما أوقـــرُه كتمتُ سراً بدا لى منه بالكتــمِ
منْ لى بردِّ جماحٍ من غوايتهـــا كما يُردُّ جماحُ الخيلِ باللُّجُــــمِ
فلا ترمْ بالمعاصى كسرَ شهوتهـــا إنَّ الطعام يقوى شهوةَ النَّهـــمِ
والنفسُ كالطفل إن تُهْملهُ شبَّ على حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــمِ
فاصرفْ هواها وحاذر أن تُوَليَــهُ إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِـمِ
وراعها وهى فى الأعمالِ ســائمةٌ وإنْ هى استحلتِ المرعى فلا تُسِمِ
كمْ حسنتْ لذةً للمرءِ قاتلــةً مـن حيث لم يدرِ أنَّ السم فى الدسـمِ
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع فرب مخمصةٍ شر من التخـــــمِ
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأتْ من المحارم والزمْ حمية النـــدمِ
وخالف النفس والشيطان واعصِهِما وإنْ هما محضاك النصح فاتَّهِـــمِ
ولا تطعْ منهما خصماً ولا حكمـــاً فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحكــمِ
أستغفرُ الله من قولٍ بلا عمــــلٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذى عُقـــــُمِ
أمْرتُك الخيرَ لكنْ ما ائتمرْتُ بـه وما اسـتقمتُ فما قولى لك استقـمِ
ولا تزودتُ قبل الموت نافلـــةً ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم اصــــمِ
ظلمتُ سنَّةَ منْ أحيا الظلام إلـــى إنِ اشتكتْ قدماه الضرَ من ورمِ
وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطـــوى تحت الحجارة كشْحاً مترف الأدمِ
وراودتْه الجبالُ الشمُ من ذهــبٍ عن نفسه فأراها أيما شــــممِ
وأكدتْ زهده فيها ضرورتُـــه إنَّ الضرورة لا تعدو على العِصَمِ
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ منْ لولاه لم تُخْرجِ الدنيا من العـدمِ
محمد سيد الكونين والثقليــــن والفريقين من عُرْب ومنْ عجــمِ
نبينا الآمرُ الناهى فلا أحــــدٌ أبرَّ فى قولِ لا منه ولا نعــــمِ
هو الحبيب الذى ترجى شفاعـته لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــمِ
دعا إلى الله فالمستمسكون بــه مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــمِ
فاق النبيين فى خَلقٍ وفى خُلـُقٍ ولم يدانوه فى علمٍ ولا كـــرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمـــسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهــــم من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
فهو الذى تم معناه وصورتــه ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـمِ
منزهٌ عن شريكٍ فى محاســـنه فجوهر الحسن فيه غير منقســـمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى فى نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس لــــه حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــمِ
لو ناسبت قدرَه آياتُه عظمــــاً أحيا اسمُه حين يدعى دارسَ الرممِ
لم يمتحنا بما تعيا العقولُ بـــه حرصاً علينا فلم نرْتبْ ولم نهـــمِ
أعيا الورى فهمُ معناه فليس يُرى فى القرب والبعد فيه غير مُنْفحـمِ
كالشمس تظهر للعينين من بعُـدٍ صغيرةً وتُكلُّ الطرفَ من أمَـــمِ
وكيف يُدْرِكُ فى الدنيا حقيقتـَه قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُــــــمِ
فمبلغ العلمِ فيه أنه بشــــــرٌ وأنه خيرُ خلقِ الله كلهــــــمِ
وكلُ آى أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلتْ من نوره بهــــمِ
فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبُهــا يُظْهِرنَ أنوارَها للناس فى الظُلـمِ
أكرمْ بخَلْق نبى زانه خُلـُـــقٌ بالحسن مشتملٍ بالبشر متَّســـــمِ
كالزهر فى ترفٍ والبدر فى شرفٍ والبحر فى كرمٍ والدهر فى هِمَمِ
كانه وهو فردٌ من جلالتــــه فى عسكرٍ حين تلقاه وفى حشـمِ
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ من معْدِنَى منطقٍ منه ومُبْتَســم
لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَـــهُ طوبى لمنتشقٍ منه وملتثـــــمعليه وسلم
أبان مولدُه عن طيب عنصــره يا طيبَ مبتدأٍ منه ومختتــــمِ
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهــــمُ قد أُنْذِروا بحلول البؤْس والنقـمِ
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئـمِ
والنار خامدةُ الأنفاسِ من أسـفٍ عليه والنهرُ ساهى العينِ من سدمِ
وساءَ ساوة أنْ غاضت بحيرتُهــا ورُدَّ واردُها بالغيظ حين ظمــي
كأنّ بالنار ما بالماء من بــــلل حزْناً وبالماء ما بالنار من ضَــرمِ
والجنُ تهتفُ والأنوار ساطعــةٌ والحق يظهرُ من معنىً ومن كَلِـمِ
عَمُوا وصمُّوا فإعلانُ البشائر لــمْ تُسمعْ وبارقةُ الإنذار لم تُشــــَمِ
من بعد ما أخبر الأقوامَ كاهِنُهُمْ بأن دينَهم المعوجَّ لم يقـــــمِ
وبعد ما عاينوا فى الأفق من شُهُب منقضّةٍ وفق ما فى الأرض من صنمِ
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ من الشياطين يقفو إثر مُنـــهزمِ
كأنهم هرباً أبطالُ أبرهــــــةٍ أو عسكرٌ بالحَصَى من راحتيه رُمِىِ
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمـــــا نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقــــمِوسلم
جاءتْ لدعوته الأشجارُ ســـاجدةً تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــدمِ
كأنَّما سَطَرتْ سطراً لما كتـــبتْ فروعُها من بديعِ الخطِّ فى اللّقَـمِ
مثلَ الغمامة أنَّى سار سائــــرةً تقيه حرَّ وطيسٍ للهجير حَــــمِى
أقسمْتُ بالقمر المنشق إنّ لـــه من قلبه نسبةً مبرورة القســــمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ وكلُ طرفٍ من الكفار عنه عــِى
فالصِّدْقُ فى الغار والصِّدِّيقُ لم يَرِما وهم يقولون ما بالغـار مــن أرمِ
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسُج ولم تحُــــمِ
وقايةُ الله أغنتْ عن مضاعفـــةٍ من الدروع وعن عالٍ من الأطـُمِ
ما سامنى الدهرُ ضيماً واستجرتُ به إلا ونلتُ جواراً منه لم يُضَــــمِ
ولا التمستُ غنى الدارين من يده إلا استلمت الندى من خير مستلمِ
لا تُنكرِ الوحى من رؤياهُ إنّ لــه قلباً إذا نامتِ العينان لم يَنَـــم
وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــه فليس يُنكرُ فيه حالُ مُحتلــــمِ
تبارك الله ما وحى بمكتسـَــبٍ ولا نبى على غيبٍ بمتهـــــمِ
كم أبرأت وصِباً باللمس راحتُـه وأطلقتْ أرباً من ربقة اللمـــمِ
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـُــه حتى حكتْ غرّةً فى الأعصر الدُهُمِ
بعارضٍ جاد أو خِلْتُ البطاحَ بهـا سَيْبٌ من اليمِّ أو سيلٌ من العَـرِمِ
دعْنى ووصفى آياتٍ له ظهــرتْ ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علــمِ
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظــمٌ وليس ينقصُ قدراً غير منتظــمِ
فما تَطاولُ آمالِ المديح إلــــى ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـمِ
آياتُ حق من الرحمن مُحدثـــةٌ قديمةٌ صفةُ الموصوف بالقــدمِ
لم تقترنْ بزمانٍ وهى تُخبرنـــا عن المعادِ وعن عادٍ وعـن إِرَمِ
دامتْ لدينا ففاقت كلَّ معجـزةٍ من النبيين إذ جاءت ولم تــدمِ
محكّماتٌ فما تُبقين من شبـــهٍ لِذى شقاقٍ وما تَبغين من حَكَــمِ
ما حُوربتْ قطُّ إلا عاد من حَـرَبٍ أعدى الأعادى إليها ملْقِى السلمِ
ردَّتْ بلاغتُها دعوى معارضَهــا ردَّ الغيورِ يدَ الجانى عن الحُـرَمِ
لها معانٍ كموج البحر فى مـددٍ وفوق جوهره فى الحسن والقيـمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــا ولا تسامُ على الإكثار بالســــأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلتُ لــه لقد ظفِرتَ بحبل الله فاعتصـــمِ
إن تتلُها خيفةً من حر نار لظــى أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشّبِـمِ
كأنها الحوض تبيضُّ الوجوه بـه من العصاة وقد جاؤوه كالحُمَــمِ
وكالصراط وكالميزان معْدلــةً فالقسطُ من غيرها فى الناس لم يقمِ
لا تعجبنْ لحسودٍ راح ينكرهـــا تجاهلاً وهو عينُ الحاذق الفهـــمِ
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِعليه وسلم
يا خير من يمّم العافون ســـاحتَه سعياً وفوق متون الأينُق الرُّسُـــمِ
ومنْ هو الآيةُ الكبرى لمعتبـــرٍ ومنْ هو النعمةُ العظمى لمغتنـــمِ
سَريْتَ من حرمٍ ليلاً إلى حــــرمِ كما سرى البدرُ فى داجٍ من الظلمِ
وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلــةً من قاب قوسين لم تُدركْ ولم تُرَمِ
وقدمتْكَ جميعُ الأنبياء بهـــــا والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خــدمِ
وأنت تخترقُ السبعَ الطباقَ بهــم فى موكب كنت فيه صاحب العلمِ
حتى إذا لم تدعْ شأواً لمســتبقٍ من الدنوِّ ولا مرقىً لمُسْـــــتَنمِ
خَفضْتَ كلَّ مقامٍ بالإضـــافة إذ نوديت بالرفْع مثل المفردِ العلــمِ
كيما تفوزَ بوصلٍ أى مســــتترٍ عن العيون وسرٍ أى مكتتـــــمِ
فحزتَ كل فخارٍ غير مشــــتركٍ وجُزْتَ كل مقامٍ غير مزدَحَــــمِ
وجلَّ مقدارُ ما وُلّيتَ من رُتـــبٍ وعزَّ إدراكُ ما أوليتَ من نِعَـــمِ
بشرى لنا معشرَ الإسلام إنّ لنـــا من العناية ركناً غير منهــــدمِ
لما دعا اللهُ داعينا لطاعتـــــه بأكرم الرسل كنا أكرم الأمـــمِالله عليه وسلم
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتــه كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنــــمِ
ما زال يلقاهمُ فى كل معتــركٍ حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضـمِ
ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخــمِ
تمضى الليالى ولا يدرون عدَّتَهـا ما لم تكنْ من ليالى الأشهر الحُرُمِ
كأنما الدينُ ضيفٌ حل سـاحتهم بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَـــرِمِ
يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ ســـابحةٍ يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِــمِ
من كل منتدب لله محتســـبٍ يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِـــمِ
حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهى بهمْ من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِــمِ
مكفولةً أبداً منهمْ بخـــير أبٍ وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِــــمِ
همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهـم ماذا رأى منهمُ فى كل مصطدمِ
وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
المُصْدِرِى البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِمَــمِ
والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِــمِ
شاكى السلاحِ لهم سيما تميزُهـمْ والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّــلَمِ
تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهـمُ فتَحسبُ الزهرَ فى الأكمام كل كمِى
كأنهمْ فى ظهور الخيل نَبْتُ رُباً منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُـزُمِ
طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ وألْبُهــــُمِ
ومن تكنْ برسول الله نُصـــرتُه إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجــمِ
ولن ترى من ولى غير منتصــرٍ به ولا من عدوّ غير منقصــــمِ
أحلَّ أمتَه فى حرْز ملَّتـــــه كالليث حلَّ مع الأشبال فى أجَــمِ
كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِـمِ
كفاك بالعلم فى الأُمِّى مُعجــزةً فى الجاهلية والتأديب فى اليُتُمِالله عليه وسلم
خدْمتُه بمديحٍ استقيلُ به ذنوبَ عمرٍ مضى فى الشعر والخِــدَمِ
إذْ قلّدانى ما تُخْشى عواقبُــه كأنَّنى بهما هدْى من النَّعَـــمِ
أطعتُ غى الصبا فى الحالتين وما حصلتُ إلاّ على الآثام والنـــدمِ
فياخسارةَ نفسٍ فى تجارتهـــا لم تشترِ الدين بالدنيا ولم تَسُــمِ
ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلــــهِ يَبِنْ له الْغَبْنُ فى بيعٍ وفى سَـلمِ
إنْ آتِ ذنباً فما عهدى بمنتقض من النبى ولا حبلى بمنصـــرمِ
فإنّ لى ذمةً منه بتســــميتى محمداً وهو أوفى الخلق بالذِمـمِ
إن لّم يكن فى معادى آخذاً بيدى فضلاً وإلا فقلْ يا زلةَ القــــدمِ
حاشاه أن يحرمَ الراجى مكارمَـه أو يرجعَ الجارُ منه غير محتــرمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكارى مدائحــه وجدتُهُ لخلاصى خيرَ مُلتــــزِمِ
ولن يفوتَ الغنى منه يداً تَرِبـتْ إنّ الحيا يُنْبِتُ الأزهارَ فى الأكَمِ
ولمْ أردْ زهرةَ الدنيا التى اقتطفتْ يدا زُهيرٍ بما أثنى على هَـــرمِالحاجات
يا أكرمَ الخلق ما لى منْ ألوذُ بـه سواك عند حلول الحادث العَـمِمِ
ولن يضيق رسولَ الله جاهُك بــى إذا الكريمُ تجلَّى باسم منتقـــمِ
فإنّ من جودك الدنيا وضرّتَهــا ومن علومك علمَ اللوحِ والقلـــمِ
يا نفسُ لا تقنطى من زلةٍ عظمــتْ إنّ الكبائرَ فى الغفران كاللــممِ
لعلّ رحمةَ ربى حين يقســــمها تأتى على حسب العصيان فى القِسمِ
يارب واجعلْ رجائى غير منعكِـسٍ لديك واجعل حسابى غير منخــرمِ
والطفْ بعبدك فى الدارين إن له صبراً متى تدعُهُ الأهوالُ ينهــزمِ
وائذنْ لسُحب صلاةٍ منك دائمــةٍ على النبى بمُنْهَلٍّ ومُنْسَــــــجِمِ
ما رنّحتْ عذباتِ البان ريحُ صــباً وأطرب العيسَ حادى العيسِ بالنغمِ
ثم الرضا عن أبى بكرٍ وعن عمـرٍ وعن على وعن عثمانَ ذى الكـرمِ
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهُــمْ أهل التقى والنَّقا والحِلمِ والكـرمِ
يا ربِّ بالمصطفى بلِّغْ مقاصـدنا واغفرْ لنا ما مضى يا واسع الكـرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بمــا يتلوه فى المسجد الأقصى وفى الحرم
وبجاه من بيْتُهُ فى طيبة حــرمٌ وإسمُهُ قسمٌ من أعظــم القســم
وهذه بردةُ المختار قد خُتمـتْ والحمد لله فى بدإٍ وفى ختــــم
أبياتها قدْ أتتْ ستينَ معْ مائـةٍ فرّجْ بها كربنا يا واسع الكـــرم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة