القس روبرت جيفرز هو الشخصية التى اختارها دونالد ترامب لقيادة صلوات افتتاح السفارة الأمريكية فى القدس، وأسباب هذا الاختيار متعددة وكلها تصب فى إذكاء النزعة المسيحية المتطرفة والعدوانية بل والعنصرية تجاه المختلفين دينيا وسياسيا، ولا تفرق هذه النزعة المتطرفة بين مسلم ومسيحى ويهودى أو بين ديمقراطى وجمهورى، فالعبرة والمعيار هو هل يختلف مع سياسات وقرارات ترامب وإدارته أم لا؟
روبرت جيفرز القس الإنجيلى والمستشار غير الرسمى لترامب ومنصته المتحركة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية أفتى فتاوى شديدة التطرف وتدعو إلى احتقار وازدراء الأديان السماوية لمليارات حول العالم، وأطلق تصريحات مجنونة وعدائية تجاه أتباع الديانات السماوية الثلاثة، منها مثلا أن «الإسلام هرطقة وكفر واضح وأتباعه فى قاع جهنم»، «وأن الكنيسة الكاثوليكية تعرضت للغزو والتدنيس من قبل إبليس وأتباعه وأنها بصورتها الحالية وثنية وفاسدة» و«كونك يهوديا لن تنجو من نار جهنم» «وأتباع طائفة المورمون» إحدى الطوائف المسيحية الموجودة بأمريكا- كفرة ومصيرهم جهنم، بل وصل به الأمر أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية أن توعد مؤيدى هيلارى كلينتون بأن مصيرهم الدرك الأسفل من النار!
نحن رأينا هذا الموديل من رجال الدين كثيرا، مثل وجدى غنيم وعاصم عبد الماجد ومصطفى حمزة وطارق الزمر وأيمن الظواهرى والقائمة تطول لتضم المئات من هؤلاء المهووسين بنفى الآخر وتكفيره واحتقاره واعتباره كائنا أدنى من البشر ومحاولة السيطرة عليه بالقوة، لكننا فى مجتمعات العالم الثالث نسعى بجدية إلى التخلص منهم ومحاكمتهم بمواد قانونية واضحة وضمان خلاص المجتمع منهم ومن أفكارهم، والعمل على نشر قيم التسامح والمواطنة وقبول الآخر.
لكن فى المقابل تسعى إدارة ترامب التى تزعم محاربة التنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة وفصائل الإخوان المسلحة، إلى تغذية التطرف المسيحى حتى لو كان عنصريا بغيضا، بتقديم أمثال روبرت جيفرز الذى وصف إسرائيل بأنها «نعمة للعالم برمته بفضل اختراعاتها فى مجالات الطب والعلوم والتقنية والطاقة، ولدورها العظيم فى هداية العالم إلى سبيل الإله الأوحد الحقيقى عبر أنبيائها والكتب المقدسة والمسيح»!
جيفرز يطلق على دولة نتانياهو هذه الأوصاف الملائكية، بينما جنود جيش الاحتلال يطلقون الرصاص الحى على النساء والشيوخ الفلسطينيين المحتجين عن الشريط الحدودى، وبينما قطعان المستوطنين يدهسون الأطفال الفلسطينيين بسياراتهم فى ظاهرة لا تعكس إلى منتهى الغل والكراهية والتى يجب أن يحاكم مرتكبوها أمام المحكمة الجنائية الدولية لتعمدهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
جيفرز المتطرف المهووس والمدعوم من إدارة ترامب لا يرى الدم الفلسطينى ولا يعترف بجرائم إسرائيل بالطبع لأنه قام بالخطوة الأغبى والأخطر، وهى شيطنة الفلسطينيين ومحوهم من الوجود، وبالتالى فإن أى جرائم وفظائع ترتكب ضدهم، إنما ترتكب ضد أناس غير موجودين أو بلا قيمة، ومن هنا يتم تسويغ وتبرير كل الجرائم التى يرتكبها الصهاينة سواء فى جيش الاحتلال أو فى ميليشيات المستوطنين.
وعداء هذا القس لا يقتصر على طائفة المورمون والإسلام الذى وصفه بأنه «هرطقة جهنمية»، فقد قال إن الكنيسة الكاثوليكية تعرضت للتضليل من قبل إبليس. وقال «الكنسية الكاثوليكية الحالية هى نتاج فساد بعد أن عبث بها إبليس، أغلب ما نراه فى الكاثوليكية الآن لا علاقة له بتعاليم الرب، إنها نتاج عبادة تشبه الديانة الوثنية».
وفى معرض حديثة عن الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما قال إنه مهد السبيل لانتشار العداء للمسيح ونشر بيانات مضللة عن مدى انتشار فيروس نقص المناعة المكتسب بين المثليين جنسيا الذين وصفهم بأنهم يعيشون حياة «بائسة وقذرة».
إمبراطور القمار يعرض بناء سفارة الولايات المتحدة فى القدس ووصف جيفرز الإسلام بأنه «دين شرير ويشجع على اغتصاب الأطفال جنسيا».
ولم يسلم أتباع الديانة الهندوسية من لسان هذا القس حيث قال إن المورمون «طائفة مسيحية أمريكية محافظة ينتمى لها رومنى» والمسلمون والهندوس يعبدون إلها مزيفا.
وليس للقس الذى يقطن مدينة دالاس وله ملايين الأتباع فى ولاية تكساس، وظيفة رسمية فى البيت الأبيض، لكنه يقوم بدور المستشار الخاص لترامب لشؤون العقيدة.
وقال هذا القس خلال محاضرة له عام 2010 «إن الله يرسل الصالحين أيضا إلى الجحيم. إن العقائد والأديان مثل المورمون واليهودية والإسلام والهندوسية لا تبعد الناس عن الله فقط بل تودى بأتباعها إلى الخلود فى الحجيم».
هذا القس المثير للجدل وصاحب الظهور المستمر على القناة التليفزيونية المفضلة لدى ترامب، فوكس نيوز، وصاحب التصريحات المدوية قال خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016 إنه لو أيد المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلارى كلينتون لكان مصيره الدرك الأسفل من الجحيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة