أطفال يشاهدون يوتيوب
تعيش أمهات مصر مع قائمة المسلسلات المتعددة على القنوات المختلفة، تتنقل من قناة إلى أخرى، ومن نجم إلى آخر، ثم هى ترمى بعينها من بعيد لتراقب باستعجال ما الذى يشاهده أطفال العائلة على «يوتيوب»، أطفال العائلة دون سن العاشرة ليس لهم مكان على هذه الخريطة الكبيرة، أطفال العائلة ليس لهم قائمة برامج أو مسلسلات على الفضائيات، أطفال العائلة لا مكان لهم سوى «يوتيوب» يمرحون بين فيديوهاته قبل وبعد الإفطار، حيث لا أحد يرفع شعار للكبار فقط على الفيديوهات، وحيث الكبار فى البيت مشغولون مع مسلسلات الشهر الكريم.
لا يزال الإعلام فى مصر بعيداً عن منتج نوعى مميز للأطفال، ولا يزال الأطفال فى مصر بعيدين تماماً عن إعلامهم، لا يهتمون بحواديت ما بعد الإفطار، ولا يعرفون أسماء النجوم الذين تتجمع العائلة حول الشاشة لمتابعة مغامراتهم وأحزانهم وأفراحهم فى الدراما.
لن تجد بيتا فى مصر اليوم يجتمع فيه الأطفال ما دون العاشرة مع بقية أفراد العائلة حول مسلسل واحد، لأنه لا يوجد عمل يستهدف العائلة بالكامل بأطفالها، لا توجد خطة لدينا توضح ما الذى ينبغى أن نقدمه لأطفالنا فى الدارما والبرامج والمحتوى التليفزيونى، والعائلات ترى فى انشغال الأطفال بالـ«يوتيوب» فرصة مهمة للتفرغ لمتابعة المسلسلات المفضلة.
أريد أن أسأل: ما الذى يشاهده الأطفال على «يوتيوب»؟ وهل المحتوى يناسب أعمار الأطفال دون العاشرة؟ وهل الرسائل الإعلامية فى هذا المحتوى تناسب خطتنا فى بناء شخصية الإنسان المصرى؟ هل تساعدنا الفيديوهات التى يشاهدها أطفالنا على بناء شخصية مصرية كتلك التى نحلم بها للمستقبل؟ هل تساعد على ترسيخ الهوية وزرع قيم مصرية خالصة فى الأطفال، أم أن العكس هو الصحيح بالكامل؟
ولو كان العكس هو الصحيح، فهل ينبغى على الإعلام المصرى أن يلتزم الصمت ويترك أبناءنا نهبا للـ«يوتيوب»؟ أم أن علينا أن ننتج محتوى ننافس به على عقول أولادنا، فى رمضان وفى غير رمضان؟
أقول للعائلات، والأمهات خصيصا: راقبوا أطفالكم من فضلكم، وراقبوا المحتوى الذى يشاهدونه، بينما العائلة بالكامل مشغولة بالمسلسلات.
وأقول لقيادات الإعلام فى مصر والمسؤولين عن المحطات، أرجوكم اجعلوا أطفال مصر أولوية فى الإنتاج التليفزيونى الدرامى والبرامجى، لا تتركوا الأطفال فريسة لمن ينتج لهم محتوى أكثر جاذبية، فتقودهم هذه الجاذبية إلى أفكار أخرى، أو حيرة أخرى، قد يدفعون ثمنها هم، أو ندفع ثمنها، نحن كوطن، فى المستقبل.
والله أعلى وأعلم
مصر من وراء القصد
متابعة الاباء لمحتوى الأبناء
محتوى غير لائق على يوتيوب