كانت نشأته فى أقصى جنوب الصعيد، فى مدينة يعشق أهلها مديح رسول الله وآل البيت، ويقيمون لذلك الحفلات والليالى الساهرة العامرة بذكر الله ورسوله، التى كانت لها آثارها الجلية فى رسم ملامح ذلك الطفل الصغير الذى أخذ يحرص على حضور مثل هذه الحفلات، وترديد الأناشيد والمدائح النبوية مع كبار المداحين.
فى مدينة دراو، بمحافظة أسوان، نشأ المنشد الشاب طه حسين على حب المدائح والأناشيد الدينية، فقد تربى وسط بيئة خصبة بهذا الفن الراقى الذى يجمع مريدين كثرًا فى الصعيد.. تربى الشيخ على سماع منشد البردة الشيخ عبدالعظيم العطوانى، وتربى أيضا فى الساحة الإدريسية التى تحرص دائما على إقامة حفلات للإنشاد الدينى والمديح.
من أسوان إلى القاهرة، وتحديدا فى قصر الأمير طاز، فى حى السيدة زينب، التقيت المنشد طه حسين، فى سلسلة حوارات «المداحون»،
ما سر تعلقك بالإنشاد الدينى، رغم أنك مهندس زراعى؟
- منذ صغرى أحب الإنشاد، فنشأتى فى مدينة دراو بمحافظة أسوان جعلتنى أعشق الإنشاد الدينى، وكنت أحب التردد على ساحة الشيخ الإدريسى، وأحب الاستماع لحفلات المديح بها، وبعدها بدأت أحتك بالشيخ سيد الإدريسى، رائد المنهج الأحمدى، وبدأ يوجهنى فى الإنشاد الدينى، وشجعنى على الإنشاد، ولم أكن أتخيل أننى سأسلك طريق الإنشاد.
وبمن تأثرت فى الإنشاد والمديح؟
- أنا متأثر جدًا بالشيخ أمين الدشناوى، لكننى أحب الاستماع للشيخ ياسين التهامى ولا أستطع تقليده.
ومنذ متى تحديدًا بدأت فى الإنشاد الدينى؟
- بدأت الإنشاد الدينى تقريبًا وأنا فى المرحلة الإعدادية، وكنت اقتصر فقط على الإنشاد أمام الأسرة، وأمام الشيخ أحمد الإدريسى، وحينما التحقت بكلية الزراعة بجامعة أسيوط كنت فى سكن الطلاب أردد بعض الأناشيد على مسامع زملائى، وحينما أنهيت دراستى، قررت الاتجاه للإنشاد الدينى إلى جانب علمى، وسافرت إلى القاهرة وأكرمنى الله والتحقت بدار الأوبرا المصرية، بعد اجتيازى اختبارات المنشدين فى عام 2005، وحتى الآن أنا ضمن فريق الإنشاد فى الأوبرا، لكننى مازلت أقول إننى محب للإنشاد ولست محترفا.
حدثنا عن مشاركتك كمنشد دينى فى الأوبرا.. كيف تقدمون هذا اللون من الفن؟
- فى دار الأوبرا نحيى حفلات إنشاد دينى كثيرة، كما أننا أحيانًا نسافر خارج مصر لإقامة حفلات بالخارج، فقد سافرنا إلى المغرب والإمارات مثلًا أكثر من مرة.
ما طموح المنشد طه حسين؟
- طموحى أن أقدم التراث الصعيدى، وأتمنى من الدولة إحياء هذا التراث، خاصة أن هناك قصائد شهيرة جدًا من التراث الصعيدى لم تجد حظها من الإنشاد، وسأبدأ بذلك على المستوى الشخصى، حيث سأسجل التراث الصعيدى وأنشره ولو حتى على مواقع التواصل الاجتماعى، وبالفعل فرقة الأوبرا بدأت تهتم بتقديم اللون الصعيدى فى الإنشاد الدينى، وكان آخرها ليلة الإسراء.
البعض يستعين بألحان أغنيات شهيرة فى الإنشاد.. ما رأيك؟
- أنا لا أحب ذلك، وأرفضه تمامًا، فلماذا نستعين بألحان قديمة ونحن لدينا ملحنون بارعون؟!
ما رأيك فى فرق الإنشاد السورية؟
- فرق الإنشاد السورية متميزة فنيًا، بالإضافة إلى قدرتهم على تقديم ألوان متنوعة من الإنشاد الدينى ببراعة، وحاليًا لهم قاعدة جماهيرية عريضة، وأتمنى لهم مزيدا من التوفيق.
كيف ترى مستقبل الإنشاد الدينى فى مصر، وكيفية تطويره من وجهة نظرك؟
- مستقبل الإنشاد حاليًا يسير بخطوات ثابتة، على العكس منذ 10 سنوات فقط، حيث كان فن الإنشاد الدينى يقتصر على المتصوفين فقط، لكن حاليًا بدأ الجمهور يبحث عن الإنشاد، وبدأ الشباب ممن يملك الموهبة يبحث ليتعلم الإنشاد، أما تطويره فسيكون بالمحاولات التى تقوم بها نقابة الإنشاد حاليًا، من خلال تأسيس المنشد فنيًا، وتنمية قدراته، ومحاولة إظهار الإنشاد والمنشدين إعلاميًا، وتطوير فن الإنشاد لمواكبة العصر الحالى، وأتمنى من الإعلام الاهتمام أكثر بحفلات الإنشاد الدينى، خاصة تلك التى تقدمها الأوبرا.
هل يُشترط أن يكون المنشد صوفيًا لكى يبدع فى الأداء؟
- الغالبية العظمى من المنشدين متصوفون، لأن أغلب الطرق المتصوفة بها قصائد إنشاد وفى احتفالاتهم يحتفلون بالإنشاد، ولكن ليس شرطًا أن يكون المنشد الدينى صوفيا، فمثلًا دول الخليج معظم المنشدين ليسوا متصوفة، مثل مشارى راشد العفاسى وغيره.
ما رأيك فى المنشدين والمبتهلين الذين يتبركون ويتوسلون بآل البيت ويطلبون المدد والعون منهم؟
- أنا من هؤلاء المنشدين الذين يتوسلون بآل البيت ويطلبون، ولا أرى غضاضة فى ذلك، فنحن لا نطلب من آل البيت أنفسهم المدد والعون ولكننا نطلب من الله، والله أعلم بما فى نوايانا، وهناك حديث يدل على صحة ما نفعله، وهو: «عن أنس رضى الله عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قُحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتُسْقِينَا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فَيُسْقَون»
وما ردك على من يُحرم استخدام الموسيقى فى الإنشاد الدينى؟
- أرد عليهم بما اجتمع عليه عدد كبير من علماء الدين، وهو أن الموسيقى حلالها حلال وحرامها حرام، بمعنى أنه إذا استخدمت الموسيقى فى إثارة الغرائز والكلمات الماجنة فهى حرام، أما إذا استخدمت فى كلمات تدعو للتسامح مثلًا، وتروى سيرة النبى وآل بيته فهى حلال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة