قبل عدة أشهر شاهدت فيديو لشاب مصاب بحالة تشنج، وفى حالة يرثى لها، وحوله أصدقاء له يتحدثون أنه يتعاطى مخدر «الاستروكس»، ولأن الاسم وقتها كان جديداً على مسامعى فقد بحثت عنه، فوجدت الكثير من المعلومات عنه، أهمها ما قاله الدكتور عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التعاطى، التابع لوزارة التضامن، أنهم رصدوا ارتفاعا كبيرا فى استخدام مخدر الاستروكس بين الشباب، وأنهم تلقوا من خلال الخط الساخن لمعالجة الإدمان فى عام 2017 حوالى 4600 حالة، مرجعا انتشاره الكبير إلى انخفاض سعره، محذراً من خطورة مخدر الاستروكس الذى يعمل على شل الجهاز العصبى، ويسبب تلفيات كبيرة فى المخ، ما يجعله واحدا من أكثر المخدرات الموجودة فى مصر خطورة على صحة متعاطيه.
كما أن الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، قالت: إن مُخدر الاستروكس تصدر مرتبة متقدمة بين أكثر أنواع المخدرات المستحدثة انتشاراً بين المدمنين المتقدمين للعلاج، حيث احتل المرتبة الثالثة بنسبة %22 بعدما كان العام الماضى %4 وذلك بعد الحشيش والترامادول اللذين احتلا المرتبة الأولى والثانية بنسبة %44 للحشيش و%40 للترامادول.
وحينما بحثت عن تركيبة الاستروكس، وجدت أن يحتوى على مواد تسمى الأتروبين والهيوسين والهيوسيامين وهذه المواد تسبب السيطرة التامة على الجهاز العصبى وتؤدى إلى تخديره تماما، وتصيب متعاطيه باحتقان شديد واحمرار بالوجه وحشرجة فى الصوت واتساع فى حدقة العين، وهى مجموعة عقاقير نفسية «مسببة للهلوسة»، تهدف إلى استنساخ وتقليد آثار المخدرات غير المشروعة، وربما كان بعض من هذه المواد موجودا منذ سنوات، ولكن تم إدخالها الأسواق فى أشكال كيميائية معدلة لاقت إقبالا وشعبية جديدة.
كل هذه التفاصيل مرعبة عن مخدر يبدو أنه أصبح مزاجا للكثير من المراهقين، ممن لا يدركون خطورته، وإلا ما سلموا أنفسهم لهذا الخطر الذى يجعلهم كالدمية، لكن الأغرب أن أجد نوابا فى البرلمان يطالبون وزارة الصحة بإدراج مادة «الاستروكس» ضمن جدول المواد المخدرة، حتى يتم التمكن من محاسبة متعاطى تلك المادة، بمجرد أن قرأت هذا الخبر المنسوب للنائبة الدكتورة شادية ثابت، عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، أصبت بالدهشة، هل الاستروكس غير مجرم حتى الآن؟
النائبة التى تقدمت بطلب لرئيس البرلمان قالت فيه رجال المباحث بمختلف أقسام الشرطة تضبط كميات كبيرة من مادة الاستروكس بحوزة المواطنين، وفى النهاية يتم الإفراج عنهم على اعتبار أن المادة غير مدرجة بالجدول بما يضر بصحة المواطنين، مطالبة بضرورة إدراج الاقتراح برغبة للمناقشة داخل البرلمان والموافقة على إدراج الاستروكس فى الجدول لحماية الشباب من تناول تلك المادة القاتلة، وساندها فى طلبها أكثر من نائب، منهم النائب محمود بسيونى عضو لجنة الصحة، الذى قال إن اللجنة عقدت اجتماعًا مع متخصصين صيادلة لبحث طبيعة المواد المخدرة الجديدة، التى طرأت على المجتمع المصرى، كالفودو والاستروكس، وتبين أنها تصنع فى مصر، ويدخل فى تركيبها مواد كيميائية تؤثر بشكل مدمر على الجهاز العصبى والحركى، وأن اللجنة خرجت من الاجتماع بعدد من التوصيات، منها أن حذرت بيع الاستروكس وتداوله وتصنيعه فى مصر، لما يمثله من خطورة على صحة المواطنين المصريين والحركة الإنتاجية.
من الواضح أننا أمام قضية شديدة الخطورة، لم يصل صداها حتى الآن إلى أذن المسؤولين، وإلا ما رأينا هذا الصمت، وأن ينتفض نواب البرلمان فى حين أن وزارة الصحة صامتة ولا يتحرك لها ساكناً، والسؤال هنا، مادامت وزارة الصحة تعلم حقيقة مخدر الاستروكس، وأنه أشد خطورة من مواد مخدرة أخرى، فلماذا تتقاعس حتى الآن عن إدراجه فى جدول المواد المخدرة، ومتى ستتحرك الوزارة، هل تنتظر حتى نفقد شبابنا واحداً تلو الآخر نتيجة هذا المخدر الخطير؟
وزارة الصحة عليها أن تتحرك بسرعة فى هذا الملف، وظان تكون أكثر سرعة فى التعامل مع حيل تجار السموم والمخدرات، لأننا إذا صمتنا اليوم على الاستروكس سنجد غداً ألف استروكس غيره، مادامت الوزارة حتى الآن ترفض تجريمه.