أكرم القصاص

فى الإعلانات والدراما.. المواطن الكومباوند والمواطن الشحات!

السبت، 26 مايو 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المشاهد الذى يريد متابعة المسلسلات فى التليفزيون مضطر لأن يستسلم لهجوم الإعلانات، والتى لا تمثله ولا يمثلها. ومع تطور فنون صناعة الإعلان هناك إعلانات لشركات الاتصالات تتكلف كثيرا وتستقطب نجوما متعددين، وفى النهاية يدفع ثمنها المستهلك المسكين الذى يضطر لأن يخضع لما تفرضه عليه الشركات. لكن المشاهد فى كل الأحوال مسير وليس لديه اختيار، خاصة أن الأغلبية الساحقة من المصريين ليسوا مرشحين لسكن الكومباوند أو المنتجعات، ومع هذا فإنهم يخضعون لأكبر كمية من الإعلانات عن هذه المنتجعات والكومباوند.. ولا يوجد وسط.
 
نظريًا الإعلانات فى رمضان وغيره تقدم مؤشرًا على حال الاقتصاد وأيضًا عن الأحوال الاجتماعية والمزاجية للمواطنين، وهى جزء أساسى من عمليات التسويق والبيع، لكن على المستوى العملى لاعلاقة للإعلانات بالمزاج ولا بالأحوال. وقد احتلت الإعلانات العقارية مساحات واسعة منذ الثمانينيات، ظهرت إعلانات الشقق والمساكن الفاخرة، وكانت إعلانات عن مشروعات غير قائمة، وبينما كانت إعلانات القرى السياحية والمنتجعات تسيطر،و العشوائيات تتسع فى مناطق مختلفة من القاهرة والمحافظات. صحيح اتسعت المدن الجديدة وتضاعفت أعداد الشقق والفيلات والمنتجعات، لكن ظلت أزمة الإسكان قائمة، وامتصت هذه المشروعات الجزء الأساسى من البنية الأساسية التى حرمت منها المحافظات. والنتيجة كما ظهرت لم تحل التوسعات أزمة إسكان ولا أصبحت هناك استثمارات حقيقية فقط امتصت السيولة وتحولت إلى تجارة على الورق. وأرقام ورموز. الواقع أن هناك بالفعل حركة عقارية لكنها غالبًا خارج إطار المنطق ولا علاقة لها بالاقتصاد لكن بالمضاربة والتجارة المبالغ فيها والتى تكاد تدخل فى أرقام غير معقولة.
 
عادت إعلانات المنتجعات والمشروعات العقارية التى تصنف كلها على أنها خمس نجوم. وتبدو متناقضة تمامًا مع إعلانات تطالب بالتبرع للفقراء من أنواع وأشكال مختلفة، وهى وحدها كاشفة عن حجم التناقض والخلل، هذه الإعلانات لاتعبر من قريب أو بعيد عن المجتمع. وأحيانًا تمثل استفزازًا للمشاهد الذى يحسبها ويقلبها ويعدلها ليكمل نصف الشهر. ولا يمكن أن يتم اختصار المجتمع فى كومباوندات أو منتجعات، ولا توجد مشروعات للطبقة الوسطى. بينما الفقراء لايذكرون إلا عندما يتم الاستجداء باسمهم بشكل مبالغ فيه ويصيب بالتشوش والضيق، ولا يمكن أن يكون معبرا عن الواقع. وحتى فى الدراما أغلب الأبطال يعيشون فى قصور وفيلات، مع الإشارة إلى أن أغلبهم قتلة ومرتشين. ويغيب الناس الطبيعيون عن المشهد. وهو ما قد يعنى بوضوح أنك لكى تسكن فى الكومباوند والمنتجع، عليك أن تكون أحد أعضاء العصابات أو المرتشين. أو تبقى ضمن الفئات التى «نشحت» عليها فى حملات التبرع.
 
وطبيعى أن يكون المجتمع موزعًا بين أغنياء وفقراء ومتوسطين، لكن مانراه فى الإعلانات وفى الدراما لاعلاقة له بالمجتمع، لا يقدم أشخاصا ومواطنين طبيعيين أغنياء غير ملوثين، أو فقراء لا يستجدون. وفى النهاية كل هذا يغبر عن فصام ومبالغة وخيال.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة