«لا نية للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية التى استباحت دماء المصريين، فكيف يمكن المصالحة مع تنظيم غير شرعى، ومصر لجميع أبنائها طالما التزموا بالقانون والقواعد التى تجمعنا فهذا هو المنهج الذى نسير عليه»، هكذا تحدث سامح شكرى وزير الخارجية، فى حواره مؤخرا للتليفزيون المصرى، متبعا المنهج الحاسم فى توضيح الأمور، ووضع الحروف على نقاطها الساخنة.
الوزير سامح شكرى يوجه رسالة واضحة لكل الأطراف الخارجية التى تتصور أن بإمكانها الضغط أو عقد الصفقات السياسية فى مصر، ومن بينها صفقة إعادة الجماعة الإرهابية إلى واجهة الحياة السياسية مرة أخرى، ومن ثم استخدامها حصان طروادة لبعثرة الغزل المصرى وإشعال الفتن السياسية والاضطرابات من جديد، بعدما كنا نسينا تلك الفوضى والعشوائية التى لا يمكن معها الحفاظ على استقرار الدولة أو تحصين اقتصادها من الانهيار والنزيف المستمر أو البدء فى عملية تنمية شاملة وحقيقية.
كلمات الوزير سامح شكرى، جاءت بعد موجة متتابعة من المبادرات والاقتراحات التى حملتها شخصيات محسوبة على الأمريكان والبريطانيين، وكلها تصب فى دعوة الدولة المصرية للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية وفتح صفحة جديدة معها على أساس الماضى، أى أن تعود الجماعة الإرهابية بمكتب إرشادها وتنظيمها الخاص وتمويلاتها الخارجية وحزبها السياسى ومؤامراتها الخفية لصناعة دولة موازية داخل الدولة ونظام حكم خفى من داخل النظام، وذلك فى مقابل وقف الأعمال الإرهابية ضد مؤسسات الدولة ومصالح المواطنين فى شمال سيناء.
ونظرا لفشل المحاولات الأمريكية البريطانية المطروحة من قبل سياسيين وشخصيات عامة، يبدو أن دولا خارجية ستتولى خلال الفترة المقبلة عملية طرح مبادرة المصالحة نفسها، ولكن بمستوى أعلى من التمثيل، كأن يكون حامل الدعوة من رؤساء الحكومات والوزراء السابقين أو الشخصيات الدولية المرموقة، مع تسويق المبادرة بعروض استثمارية ومجموعة من المنح والمساعدات الاقتصادية، بحيث يبدو العرض مغريا، وفق التصور الغربى الذى ينطلق من أن كل شىء وله ثمن محدد.
الوزير سامح شكرى حدد عنصريين أساسيين يحولان دون مجرد التفات الدولة المصرية إلى أى عروض غربية أو عربية تطالب بالمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، أولهما أن جماعة الإخوان استباحت دماء المصريين من خلال العمليات الإجرامية التى استهدفت مختلف فئات المجتمع، خاصة رجال الجيش والشرطة وكذا استهداف عموم المصريين عشوائيا، من خلال زرع المتفجرات فى الشوارع أو العبوات الناسفة بمحيط المصالح العامة والخاصة وفى الميادين، أما العنصر الثانى فيتعلق بطبيعة الجماعة نفسها كتنظيم غير شرعى، والدولة المصرية طوال تاريخها لم تجلس إلى مائدة الحوار أو التفاوض مع تنظيمات غير شرعية.
يجب أن يستقر فى ضمائرنا أن كل عضو بجماعة الإخوان الإرهابية هو إرهابى خارج على المجتمع والدولة، ولا يمكن أن نطمئن إلى عدم ارتكابه الجرائم الكبرى ضد عموم المصريين، كما لا يمكن أن نستند إلى مصريته، ونعتبر ولاءه كاملًا لهذا البلد، بينما يبايع مرشده فى المنشط والمكره ولا يعترف بمسمى الوطن.
كما أن الجماعة فى طبقتها الأكثر تطرفا لا تعترف أبدا بأنها على خطأ أو ترتكب الجرائم الدموية فى حق المصريين، وكلمة الوطن غير موجودة فى قاموسها، وفى طبقتها الدولية المعنية بعلاقات الجماعة مع أجهزة الاستخبارات الغربية، تتصرف باعتبارها دولة منفصلة داخل الدولة تنظر لمصالحها فقط، ولو على حساب البلد الذى ينتمى إليه أعضاؤها، ولذلك هى تسعى من خلال التنظيم الدولى لحلم الجلوس على طاولة مفاوضات مع ممثلى الدولة المصرية برعاية غربية على غرار الدول الفاشلة، لكن عشم إبليس فى الجنة.