فى الفضاء الواسع لمواقع التواصل الاجتماعى تجد الشائعات مناخًا خصبًا للانتشار والتداول إلى أقصى نطاق ممكن بسبب تسابق رواد السوشيال ميديا على الشير بدون علم أو التأكد من صحة المعلومات قبل تداولها، وقد شهدت الفترة الماضية ترويج العديد من الموضوعات غير الصحيحة فى وقت قصير كأنه مرض انتشر فجأة.
اللافت للنظر فى الشائعات والمعلومات المغلوطة المنتشرة على السوشيال ميديا التى يتم "تشيرها"! مثلما يقال بلغة رواد مواقع التواصل أنها لا تقتصر على مجال بعينه بل تتنوع ما بين الأحاديث عن معلومات فلكية أو موضوعات صحية أو أمور سياسية أو الترويج لقصص وهمية لا أساس لها من الصحة.
احنا صايمين غلط !
على سبيل المثال لا الحصر، انتشرت بوستات على السوشيال ميديا خلال الأيام الأخيرة تتحدث عن وجود خطأ فى استطلاع شهر رمضان، وتم عمل "شير" على نطاق واسع لصور يظهر فيها البدر مكتملاً بعد مرور عشرة أيام فقط من رمضان، وظلت الأمور متداولة على هذا النحو إلى أن قطعت دار الإفتاء الشك باليقين وأصدرت بيان رسمى تؤكد فيه على أنها تستطلع أهلة الشهور القمرية كلها عبر لجان شرعية علمية تضم شرعيين ومختصين.
وأوضحت دار الإفتاء، أنه وفقا للمتخصصين فى معهد البحوث الفلكية، لا يمكن الحكم على اكتمال القمر بالعين المجردة والاكتمال طبقا لما يؤكده علماء الفلك بموعده فى منتصف شهر رمضان، موضحة أن الحديث عن الاكتمال فى الليلة الثانية عشرة من رمضان مثلما تدوله يعتبر أمر غير صحيح.
ولفتت دار الإفتاء، إلى نقطة هامة وتتمثل فى عدم الالتفاف للمعلومات غير الدقيقة التى تشكك الناس فى مؤسساتهم الدينية وتثير البلبلة والشك فى نفوسهم، وتعكر على الصائمين صفو عبادتهم، مناشدة إياهم أن يتلقوا المعلومات من مصادرها الصحيحة وأهل الاختصاص حتى لا يحدث اضطراب فى المجتمع.
مسلسل يكشف انخفاض منسوب النيل!
ومن مزاعم وجود خطأ فى استطلاع شهر رمضان إلى الحديث عن انخفاض منسوب النيل فى محافظة أسوان، وقد وجدت تلك الشائعة صدى واسع هى الأخرى على مواقع التواصل الاجتماعى بعدما تداولت صفحات وحسابات صورًا قيل أنها مأخوذة من أحد المسلسلات الرمضانية تظهر انخفاض منسوب المياه فى نهر النيل بسبب أزمة سد النهضة، وللعلم فإن حكاية انخفاض منسوب المياه ليس المرة الأولى التى يتم تداولها على السوشيال ميديا لكن كل مرة فى شكل معين.ووفقا لتصريحات المسئولين فى وزارة الرى وكافة المختصين خلال الفترة الماضية فإن انخفاض منسوب المياه فى مناطق متفرقة من نهر النيل أمر طبيعى ومنطقى وكل منطقة لها أسبابها، مؤكدين على أن آثار سد النهضة لم تظهر بعد وكل ما يثار فى هذا الموضوع مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة.
احذروا السوفالدى
أيضًا كان لشائعة احذروا السوفالدى فيه سُم قاتل!.. رواجا على السوشيال ميديا فقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى بكثرة بوستات تحذيرية من تناول علاج فيروس سى إحداها كتب فيها: "رجاء منى يا جماعى أى شخص فى مصر تناول عقار السوفالدى لعلاج فيرس سى.. رجاء منى أن يتوجه لعمل أشعة ثلاثية الأبعاد بالصبغة لاطمئنان على حالة الكبد.. تانى أنا بقول أشعة ثلاثية الأبعاد بالصبغة مش سونار طب فى حد هيسألنى ليه؟.. بدون الدخول فى تفاصيل عندى معلومة شبه مؤكدة أن عقار سوفالدى المخصص لعلاج فيروس سى مع أنه عقار ناجح بنسبة 100% فى القضاء على فيروس سى بس له تأثير سلبى على خلايا الكبد وينتج عن استخدامه تكوين بؤر سرطانية للعديد من المرضى خصوصا لو المريض عنده نسبة من التليف".
كما ورد فى البوست الخاص بالتحذير من السوفالدى: "الكلام ده مش بيقوله دكتور سنان لا الكلام ده نقلا عن واحد من أكبر دكاترة مصر فى التخصص ده، وللى شاف حالات كثير جدا اتصابت بؤر سرطانية بعد استخدام العقار عشان كده من حقى كمواطن مصرى أن أطالب بالمزيد من الأبحاث على العقار وعمل احصائية معلنة للرأى العام بعدد الحالات المصابة بالأورام بعد العلاج بالعقار".
كل التحذيرات والأحاديث المتعلقة بالسوفالدى تم نفيها جملة وتفصيلا وأصدرت وزارة الصحة بيانًا تؤكد أنه من المعروف فى حالة الاصابة بفيروس سى أن 75 إلى 85% من المصابين يتحولون إلى التهاب كبدى مزمن نشط فى الكبد، و20 إلى 30% من هؤلاء المرضى ينتهى بهم الحال فى عمر 20 إلى 30 سنة بأن يتحولوا إلى مرضى بالتليف من الدرجه الرابعة "F4"، ومن هؤلاء 5 إلى 10% يصابوا بالسرطان أى أن تليف الكبد يتحول إلى السرطان سواء فى وجود فيروس سى أو عدم وجوده، مشيرة إلى فيروس سى فى حد ذاته لا يسبب السرطان وإنما التليف هو الذى يسبب السرطان سواء كان الفيروس استمر فى المرض أو اختفى فى العلاج.
مستشفى 57357 فى مرمى الوقائع المختلقة !
الشائعات على السوشيال ميديا لم تقتصر على المعلومات المغلوط إنما امتدت لاختلاق قصص لحالات إنسانية لا أساس لها من الصحة بهدف التشويش على بعض المؤسسات الهامة مثلما حدث مع مستشفى 57357 فى الفترة الأخيرة فقد أثير حولها العديد من الأقوال المغلوطة أبرزها هاشتاج بعنوان "مستشفى 57357 انقذوا أبو إبراهيم" ويتناول قصة تحكيها فتاة مجهولة عن شخص يدعى "كمال" أو "أبو إبراهيم" يحمل طفله على يديه ويبدو عليه التعب، وحين سألته عما به أخبرها أنه مصاب بالسرطان فى المخ، وأضاف باكيًا أن مستشفى 57357 رفضت قبوله لأنه تلقى علاجًا كيماويًا خارج المستشفى ومعهد الأورام رفضه كذلك، وأنه لا أحد فحصه ليعرف ما به.
قصة أبو إبراهيم اتضحت فى الحقيقة أنها مختلقة ولا أساس لها من الصحة، وللأسف فإن كل المتضامين لم يحاول التأكد من الحقيقة خصوصا أن الرقم الذى كان منشورًا على البوست لم يكن صحيحًا، وقد ردت إدارة المستشفى على تلك الحملة قائلة: "أنها واحدة من ضمن حملات ابتزاز نتعرض لها من فترة لأخرى".
الأقوال المغلوطة ضد مستشفى 57357 لم تتوقف عند هذا الحد بل امتدت إلى وقائع أخرى مختلقة ورغم إصدار إدارة المستشفى بيانات متتالية من أجل توضيح الصورة لكن الكثيرون لا يقومون بنشر سوى ما يأتى على هواهم، ولا يتلفتون إلى الآراء الأخرى وقد تكون هى الصحيحة.
وبشكل عام فإن الفترة الماضية كشفت عن حاجة الكثيرون للرجوع إلى المصادر الموثوق منها قبل تداول أى معلومات خاصة أنه قد تؤدى إلى توابع مثلا توقف مريض عن تناول السوفالدى إذا انصت لشائعة تسببه فى إصابة المريض بالسرطان، وعلى هذا المثال يمكن قياس العديد من الأمور الأخرى التى تحدث جراء تداول الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى.