تعكس تقديرات مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018/2019 التزام الحكومة باستمرار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الشامل، الذى يهدف إلى دفع الاقتصاد المصرى للنمو بكامل طاقته وبما يسمح بخلق وتوليد فرص عمل كافية وحقيقية ومنتجة، وكذلك استمرار جهود الضبط المالى المتمثلة فى خفض نسبة الدين العام للوصول بها إلى معدلات منخفضة ومستدامة.
وعاني الاقتصاد المصرى عانى خلال الفترة من 2010 وحتى 2014 من تباطؤ وعدم كفاءة النمو الاقتصادي المحقق مقارنة بمعدل النمو السكانى، وتدهور المؤشرات المالية العامة والمتمثلة في ارتفاع نسبة عجز ودين أجهزة الموازنة للناتج المحلى، وارتفاع عجز الميزان التجارى وعجز ميزان المدفوعات.
تم التعامل مع هذه الحلقة المفرغة بجدية من خلال تنفيذ إجراءات إصلاحية مالية ونقدية متكاملة، بالإضافة إلى استهداف وتنفيذ إصلاحات هيكلية خلال الفترة التى تم البدء فيها ما أدى إلى بدء مرحلة التعافي الاقتصادي، وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى ودرجة الثقة فى قدرة وإمكانات الاقتصاد المصرى.
انخفاض نسبة الدين العام
وتستهدف الحكومة فى مشروع الموازنة على مدى الـ3 سنوات المقبلة استمرار جهود الخفض التدريجى لمعدل الدين العام، كنسبة من الناتج المحلى ليتراوح بين 75 و 80% بنهاية يونيو 2022، وهو ما يتطلب أن يحقق الاقتصاد المصرى معدلات نمو سنوية مرتفعة، وكذلك تحقيق فائض أولى سنوى مستدام فى حدود 2% من الناتج المحلى حتى 2021/2022.
وتُقدر نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى بمشروع موازنة 2018/2019 بنحو 91% ، مقابل 97% متوقعة العام الجارى، و107.7% نهاية السنة المالية 2016/2017 لتحقق انخفاضا قدره 16.7% خلال عامين فقط.
زيادة معدلات النمو وخفض معدلات التضخم
ومن المستهدف أيضا أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2018/2019 إلى 5.8% ، مقارنة بمعدل نمو متوقع قدره 5.2% خلال العام المالى 2017/2018 ، وصولا إلى تحقيق المعدلات المستهدفة البالغة 6.5 و 7% سنويا على المدى المتوسط، كما تعمل الحكومة بالتعاون مع البنك المركزى على خفض معدلات التضخم لتصل إلى معدلات منخفضة أقل من 10%.
ويعكس هذا الارتفاع فى النمو المستهدف الأثر الإيجابى لجهود الحكومة فى تطبيق برنامج الإصلاح الشامل، الذى يهدف إلى تحقيق معدلات شاملة ومستدامة يجنى جميع المواطنين فى محافظات مصر ثمارها.
2.8 تريليون زيادة فى الناتج المحلى فى 4 سنوات
وتعكس تقديرات مشروع الموازنة العامة للدولة ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى بنحو 2.8 تريليون جنيه خلال 4 سنوات، حيث قفز من 2.4 تريليون جنيه فى العام المالى 2014/2015 إلى 5.25 تريليون جنيه بمشروع موازنة العام المالى المقبل 2018/2019.
خفض العجز الكلي ومضاعفة الفائض الأولى 10 مرات فى عام
ويستهدف مشروع الموازنة العامة للدولة تحقيق عجز كلي بنسبة 8.4% مقابل عجز متوقع بموازنة العام الجارى قدره 9.8%، محققا انخفاضا ملحوظا عن السنوات الثلاث السابقة، حيث بلغت نسبته 11.54% عام 2014/2015، وبلغ 12.5% عام 2015/2016.
اللافت، فى مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018/2019 هو تضاعف نسبة الفائض الأولى إلى الناتج المحلى الإجمالى 10 مرات، حيث تحقق موازنة العام الجارى فائضا أوليا متوقعا قدره 0.2%، فيما قُدر لها بمشروع موازنة العام المقبل نسبة 2%، رغم أنه فى السنوات الثلاث الماضية كان عجزا أوليا ولم تحقق الموازنة أى فائض أولى خلالها.
انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوياتها
ومن المستهدف أيضا خفض معدل البطالة ليصل إلى 10.4% خلال العام المقبل مقارنة بـ13.3% فى يونيو 2014 ، و12.7% فى يونيو 2015، و12.5% فى يونيو 2016، و11.98% فى يونيو 2017.
رئيس خطة البرلمان: التحسن بشهادة المؤسسات الدولية الكبرى
وفى هذا السياق أكد الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن موازنة العام الجارى 2017/2018 كانت موازنة مفصلية، حيث أنها كانت موازنة انتقالية وتربط بين فترتين، لافتا إلى أنه مع بدء العام المالى الجديد 2018/2019 تكون فترة الإصلاح الاقتصادى قد اقتربت من عامين وظهرت بعض النتائج، منها خفض معدل التضخم ونسبة العجز والبطالة وزيادة معدل النمو، لافتا إلى أن الموازنة الجديدة تأتى فى إطار برنامج حقق نتائج وأرقام جيدة على مستوى الاقتصاد الكلى.
وأشار عيسى إلى أن تعاون مؤسسات التمويل الدولية مع الحكومة المصرية مبنى على أساس من الثقة، لافتا إلى أن تلك الجهات الدولية لا تتعاون مع اقتصاديات فاشلة وأنها تستهدف فقط الاقتصاديات القابلة للنمو.
وأوضح عيسى فى تصريح لـ"اليوم السابع" أن البنك الدولى وافق على منح الحكومة المصرية قروض ميسرة طويلة الأجل بفوائد مُخفضة بقيمة نحو مليار دولار لمنظومتى الصحة والتعليم، بواقع 500 مليون دولار لتطوير منظومة التعليم، ونحو 500 مليون دولار آخرين لصالح منظومة الصحة للقضاء على فيروس سى.
وأشار رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان إلى أن مؤسسات التمويل الدولية تعترف بتحسن وتطور أرقام ونسب ومعدلات النمو والبطالة والعجز الموجودة بمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018/2019، موضحا أن برنامج الإصلاح الاقتصادى بدأت أثاره فى الظهور بمشروع الموازنة الجديدة وهو ما تعترف به مؤسسات دولية كبرى مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى والاتحاد الأوروبى.
وأضاف عيسى أن هذا البرنامج أسفر عن نتائج إيجابية، وتسبب أيضا فى مشاكل ومتاعب لمحدودى ومتوسطى الدخل وارتفاع الأسعار، مؤكدا على دور الحكومة فى مواجهة الانعكاسات السلبية لبعض إجراءات الإصلاح الاقتصادى، ودعم برامج الحماية الاجتماعية وتوجيه تلك البرامج لخدمة المستحقين بالفعل.
كما أكد الدكتور حسين عيسى أن مصر مازالت فى حاجة إلى وقت للنهوض من أثر برنامج الإصلاح الاقتصادى، لافتا إلى أنه فى نهاية هذه الفترة ستزيد معدلات التشغيل وفرص العمل والاستثمارات الأجنبية المباشرة.